بسم لله الرحمن الرحيم

 

إننا في هذه الحقبة الزمنية نواجه تطوراً عظيماً من عدة نواحي، منها الثقافية ، والاجتماعية ، والتقنية ، وغيرها الكثير

كل ذلك التطور والانفتاح الذي شكلته وساهمت فيه شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي جعلت معظم المؤسسات من تعليمية وصحية وخدمية في
منافسة دؤوبة لتقديم أفضل خدماتها وإمكانيتها ، حتى تصل للجودة والاعتمادات الدولية وغيرها من الامتيازات المحلية.
طبعاً كل ذلك سينعكس إيجاباً عليها من نواحي كثيرة وعديدة، ضمنها السُمعة، والدخل وغيرها من المميزات.
هذا التطور لم يقتصر على المؤسسات سواء كانت حكومية ، أو خاصة ، بل حتى فكر المستفيد من هذه الخدمات تطور وتغير عن السابق بكل مستوياته!
وهنا تكمن المشكلة ! التي ربما عزيزي القارئ لا تراها منذ الوهلة مشكلة!
في الوقت الحالي، فئة كبيرة من المستفيدين والمستخدمين لم تعد جاهلة، فأنت كمقدم خدمات سواء كانت تعليمية على سبيل المثال فإنك تتعامل مع فئة شابة مثقفة منفتحة للتكنولوجيا بكل أنواعها
وإذا افترضنا أنك مقدم خدمات صحية ، فهذا المريض اسمه ” مريض” في مؤسستك ، خارجها قد يكون رجل أعمال، كاتب، معلم، أو ربما طبيب !
مهما كان نوع الخدمات التي ستقدمها ، هنالك وعي كبير من أفراد المجتمع تجاه جودتها ودقتها.
لكن حقيقة وللأسف الشديد كثير من المؤسسات الصحية والتعليمية، صارت تلهث وتسعى خلف الجودة والاعتمادات الأجنبية وهذا شيء جيد كبداية!
لكن ماذا بعد الجودة؟ ماذا بعد الاعتماد؟ وشهادات الشكر وأوسمة التقدير؟
للأسف تدهور، خمول، و من سيء إلى أسوأ ، حاولت البحث عن جذور المشكلة !
ولم أجد سبباً غير ” أننا نبحث عن السمعة أكثر من الإتقان والجودة الحقيقة
ما فائدة الشهادات والاعتمادات الدولية إذا لم يرضى المستخدم عن جودة الخدمات ؟
ما فائدة المباني التي تظهر خارجياً أنها فاخرة ومهندسة؟ بينما داخلياً تنقصها أهم احتياجات الفرد البشري ” كدورات المياه مثلاً”؟
قد تخبرني إني أقول كلاماً فلسفياً، لكن دعني أقنعك ، وأرجع بك إلى ما قبل ألف وأربعمئة عام وأذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه
ودعني أذكرك بقول الله تعالى ” إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا
حديثنا عن الجودة والإتقان والإخلاص بالعمل ليست فلسلفة ولا فكر استحدثناه ، بل هوا في الأصل مطلب رباني قبل إي شيء.
ما يحدث في الوضع الحالي ” نسمع جعجعة ولا نرى طحنا
نسمع” أنهم وصلوا، أنهم نجحوا، أنهم فازوا بأفخر الشهادات وأحسن التقديرات، ثم حينما “نرى” نجد أنه تلقائياً يُرسم على عقولنا استفهاما وتعجباً .
لذلك ومن هذا المنبر ، نقول إلى أي شخص يحتل منصب قيادي ، و إلى كل شخص وهبه الله فرصة التغيير، أعملوا لله أولاً ثم لخدمة دينكم وأمتكم و وطنكم ثانياً ثم للسمعة ثالثاً وأخيراً

 

أمنـية يحي عبـاس نتـو