حمض الفوليك … سُم يوصى به طبياً

وأنا بدوري أوصي كل أحد إذا سمع من طبيبه هذه العبارة المشهورة “ضروري أن تأخذ حمض الفوليك” أن يباغته بسؤال “ماهو الفرق بين حمض الفوليك والفوليت ؟”

إذا تبسم وبثقة أجاب بأن الفرق ضيق لكنه مفصلي وجوهري، فهذا طبيب بارع ونزية وقارئ ومطلع على مستجدات الأبحاث. 

أما إذا قطب حاجبيه وتجهم وجهه وتلعثم وتلبك وفاه ورطن بأسهل وأشهر جواب “لايوجد فرق” فاعلم أيها القارئي أنه يتنطع لما ليس له حتى اعتلت صورة الطب من ورائه فهو يجول في فضاء علمي واسع لكن بعمق ١ مل ! 

الفرق بين حمض الفوليك والفوليت واضح بيّن ولا يُمترى فيه لكل دارس ولنبدأ بالفرق في التعريف: 

حمض الفوليك: مركب صناعي مؤكسد ويستخدم كمكمل غذائي “عبوة الفيتامينات” أو كمدعم غذائي يضاف للأطعمة. 

الفوليت:  فيتامين طبيعي يسمى ب ٩ وهو من الفيتامينات الذائبة في الماء ويتواجد طبيعياً في كثير من الأطعمة النباتية والحيوانية. 

الفرق في الوظيفة: 

حمض الفوليك، لا يستفيد منه الجسم إلا إذا تحول إلى تيتراهيدروفوليت ولن يتحول إلى هذا المركب إلا اذا توفر إنزيم ديهيدروفوليت ريدوكتيز وقدرة الكبد محدودة لتوفير هذا الإنزيم، إذاً هذه الدائرة معقدة ويتضح تضاؤول ونضوب احتمال فائدة الجسم من حمض الفوليك. فلا فائدة لحمض الفوليك إلا إذا تحول للشكل النشط -تيتراهيدروفوليت- بل على العكس فالنتائج وخيمة عند ارتفاع حمض الفوليك في الدم وسأستعرضها في السطور التالية.  

أما الفوليت أو فيتامين ب٩، يتحول مباشرة ودون المرور بالدائرة المعقدة إلى تيتراهيدروفوليت عن طريق خلايا الأمعاء.  

أشارت أبحاث المعهد العالمي للصحة والتي قارنت بين مجموعتين من النساء الحوامل، المجموعة الأولى تناولت حمض الفوليك والمجموعة الثانية وصف لهن الفوليت خلال فترت حملهن فتضح أن المجموعة الأولى والتي وصف لهن حمض الفوليك هن عُرضة للإصابة بالسرطان أكثر وبمراحل مقارنة بالمجموعة الأخرى. 

بقيادة البروفيسور جان نشرت المجلة العالمية لمعهد السرطان دراسة شملت ٦٤٣ شخصاً ولخصت مسيرة عقدٌ من الزمان تخللها البحث والتدقيق والتمحيص والملاحظة وخُتمت الدراسة بتقرير يجزم وبلا تردد أن تناول كبسولة تحتوي ١ ملجم من حمض الفوليك يومياً يدعم وبقوة ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان البروستات.

  الجمعية الأمريكية للتغذية نشرت بحثاً للدكتور جان ميلر في جامعة بوسطن، خلاصتة أن ٤٠٠ ميكروجرام من حمض الفوليك كفيلة بتثبيط عمل الخلايا المناعية.

في المقابل وعلى النقيض تماماً تشير الأبحاث منذ ثلاث عقود أن الفوليت أو ب٩:

-جوهري في بناء الأنبوب العصبي للجنين خلال فترة الحمل وبتالي فهو يمنع التشوه الخَلْقي

– يساعد في تطوير خلايا الدم الحمراء

– يدعم الجهاز العصبي لإتمام وظيفته

قارئي الكريم، أجد نفسي مثقلاً مبغضاً وأنا اكتب  هذا التعليق، للأسف السواد الأعظم مما تصنعه شركات الأدوية وتبهرج به رفوف الصيدليات هو حمض الفوليك وليس الفوليت (ب٩).  لعلك الأن تعلم وبجدارة الفرق بين حمض الفوليك والفوليت ولن تلقي مقادتك لصاحبنا الأول لأنه لايجدر أن تُلقى إليه المقادة. أخيرا، لا نقاش في أن فترة الحمل هي فترة حساسة وجدُ مهمة في نشأت أبنائنا وبما أن التدعيم بالفوليت ضروري ولا غنى عنه قبل فترة الحمل بثلاث أشهر وخلاله فأحرص كل الحرص على تفحص جدول المكونات خلف عبوة الفيتامينات فإذا وجدت كلمة folic Acid ابتعد عنه و اتركه و اذا وجدت ( methyl tetra hydrofolate) فهذا هو الإختيار النادر الصحيح و الانسب وإلا فلا تجازف وكما قال الأول الوقاية خير من العلاج والدفع خير من الرفع. 

اللهم امنحني وقارئي العين التي ترى الحقيقة … والأذن التي تسمعها بشكل جيّد

واللسان الذي يقولها دون أن يتلعثم … واليد التي لا ترتجف عند كتابتها

 

بقلم المحاضر/ أحمد سلامة الله.

Referenses

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/19190501

http://cebp.aacrjournals.org/content/cebp/16/7/1325.full.pdf

https://academic.oup.com/jnci/article/101/6/432/997701/Folic-Acid-and-Risk-of-Prostate-Cancer-Results

http://jn.nutrition.org/content/136/1/189.full.pdf+html