الزئبق … عدو متسلل إلى أجسادنا 

زئبقي، حربائي، متقلب … جميعها مسميات تشير إلى صفات عنصر الزئبق. 

اليوم ونحن في القرن الخامس عشر الهجري والواحد والعشرين الميلادي يبرهن لنا العلم القائم على الجيل النقاد ،والمبتعد عن ذوي الفكر المنقاد. أن الزئبق يستطيع أن يؤثر ليس على أجهزة الجسم فقط، بل على كل خلية في الجسم وهذا مايجعل أعراض ارتفاع الزئبق في دم الانسان لاتكاد تُحزم مع بعضها وتُجمع، فالشمس لا تُستر بغربال. 

الجهاز العصبي هو الأكثر عُرضة للتأثر بعنصر الزئبق وأعراض تأثر هذا الجهاز كثيرة ومنها: الكآبة، القلق المتكرر، ضبابية الدماغ وضعف التركيز. يشير تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن أقل من ٥.٨ ميكروجرام/ ديسلتر هو الحد الأمن لتركيز الزئبق في الدم. في جامعة سيروكس في نيويورك نشر الدكتور بروكس -وهذا الرجل حُجة في علمه- بحثاً شمل ١٠٠ طفل (٩-١١ سنة) لدراسة العلاقة بين تناول سمك التونة المعلب وتركيز الزئبق في الدم. النتيجة كانت مرعبة و جازمة فإرتفاع تركيز الزئبق لا محالة يتأثر وبشدة، بمقدار تناول سمك التونة المعلب وهذا برهان ثالج.

 الأعراض لإرتفاع الزئبق في دم الأطفال واضحة جليّة لا يُمترى فيها: 

– النوم غير المنتظم والمتقطع 

– اضطراب في عضلة اللسان والتأثير على النطق

– حساسية الأغذية

الأكاديمية الدولية لطب الفم وعلم السموم قادتها سعة معرفة أعضائها وعمق اطلاعهم وعلو فضولهم المعرفي إلى اكتشاف المصدر الخفي الآخر الذي يتسلل من خلاله عنصر الزئبق لأجسادنا وهو تسرب الزئبق للجسم عند ازالة أو اضافة حشوات الأسنان، فقد تؤدي إزالة الحشوة بطريقة غير أمنة إلى ارتفاع تضاعفي في تركيز الزئبق في الدم (لا يزال الزئبق يستخدم في بعض دول العالم الثالث)

وحتى يُفطم المقال لابد من طرح البدائل والحلول: 

– رغم أن معظم الأسماك تحتوي على عنصر الزئبق، لاغنى عن وجبتين سمك في الأسبوع كحد أدنى لتوفير احتياج الجسم من أوميجا ٣، الزنك، السيلنيوم والنحاس لكن من الضروري التركيز على المصادر البحرية منخفضة المحتوى من الزئبق مثل:  السلمون، الربيان، الساردين الطازج والمحار. 

والإبتعاد عن المصادر البحرية الغنية بالزئبق مثل: 

سمك التونا المعلب و سمك القرش. 

– أخبر طبيب أسنانك أنك تفضل استبدال حشوات الأسنان المحتوية على الزئبق بحشوات مادة الراتنج الصمغية. 

ختاماً، كانت هذه السطور طوافاً سريعاً لكشف غموض وأضرار عنصر الزئبق المتسلل إلى أجسادنا، فجمال الحقيقة وشرفها في غموضها. 

قارئي الكريم، تناول السمك المعلب وإزالة حشوات الأسنان بطريقة غير أمنة هما الطرق الأكثر شيوعاً لإرتفاع تركيز الزئبق في الدم، الأبحاث تؤكد بلا مثنوية أن فلذات أكبادنا الذين لا يملكون لأنفسهم حولاً ولا طولا هم الأكثر تأثراً بسمية الزئبق. 

اللهم امنحني العين التي ترى الحقيقة … والأذن التي تسمعها بشكل جيّد

واللسان الذي يقولها دون أن يتلعثم … واليد التي لا ترتجف عند كتابتها

بقلم عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود / أحمد سلامة الله