من المعلوم أن الاستثمار رافد مهم من روافد التنمية الاقتصادية ، لانه يضخ الحركة فى شريان قطاعات الاقتصاد الوطنى مما يعجل بزيادة النموالاقتصادى، ويرجع سر نجاح قطاع الاستثمار للعديد من الدول الى الاستفادة القصوى من المزايا النسبية للموارد التى تتفرد بها ، مما يشير الى تعدد مصادر الدخل  وعدم الاعتماد على مصدر واحد  للخطورة هذا التوجه على اقتصاد الدولة . لذا يعتبر التنوع الاقتصادى مأمن من اى تقلبات تطرأ على الاقتصاد الوطنى والعالمى وتوفر فرصة عظيمة لاستيعاب الموارد البشرية المحلية بمختلف تخصصاتهم . يتوجب على القائمين على قطاع الاستثمار التمتع بأعلى درجات المعرفة بماهية الاستثمار واستراتيجية الدولة الكلية لهذا القطاع ، و هنا تجب الاشاره الى أن واقع الاقتصاد العالمى الحالى يقتضى اختيار الاستثمار المناسب لكل دولة اعتمادا على دلالات كثيرة منها وضعها الاقتصادى والجغرافى ونوع وكمية الموارد المتاحة .

يساهم قطاع الصحة بنسبة مقدرة فى الناتج القومى الاجمالى للدولة ، وتمثل نسبة العائد من الاستثمار فيه ، إنعكاس لأهمية هذا القطاع للحركة الاقتصادية ، لذلك يعد استثمارا واعدا لاسباب مختلفة أهمها ان الدولة مهما كانت امكانياتها الاقتصادية والمالية فانها لاتستطيع تلبية الطلب الكلى للمواطنين للخدمات الصحية لاختلاف رغباتهم وتفضيلاتهم ، بالاضافة الى تزايد هذا الطلب يوما بعد يوم بفعل الحياة العصرية التى نعيشها ، لذا تلتزم بعض الدول انطلاقا من مسئوليتها الاخلاقية أمام مواطنيها بتغطية هذا الطلب على مستوى الرعاية الصحية الاولية و العلاجية. مما فتح الباب واسعا للقطاع الخاص للاستثمار فى مجال الرعاية الصحية على المستوى الثانى والثالث لتكملة النقص فى الطلب الكلى لهذه الخدمات. لكن وبالرغم من أهمية الاستثمار فى هذا المجال الحيوى ألا ان دوره مازال  ضئيلا فى دعم إقتصاد العديد من الدول .

الاستثمار فى قطاع الصحة العربى من القطاعات التى مازالت تحتاج الى حراك حقيقى ، وهنا لانستتثنى دولة عن اخرى ، اذ تشير الدلالات  أن مساهمة القطاع الصحى الخاص فى دعم الاقتصاد الوطنى  مازالت ضعيفة ولم ترتقى لمنافسة القطاع الصحى الحكومى. هنالك إعتبارات قوية تبرر ضعف هذه المساهمة تتمثل فى نظم تقديم الخدمات الصحية للدولة ويمكن اعطاء مثال لهذ الامر بانتهاج بعض الدول لسياسة مجانية تقديم الخدمات الصحية ، بينما نجد فى دول اخرى تتشارك الدولة و القطاع الخاص فى تقديم الخدمات الصحية .

الكويت من دول الخليج التى تتبنى مجانية الرعاية الصحية ( وفق الدستور) ، هذه السياسة لم تمنع القطاع الصحى الخاص من تقاسم  الدولة فى تقديم الخدمات الصحية و الاستثمار فى المجال الصحى بانشاء المستشفيات والمراكز المتخصصة لقناعة بأهمية مشاركة الدولة فى تلبية للطلب المتزايد على الخدمات الصحية ، ولكن بالرغم من ذلك مازالت نسبة هذه المشاركة ضعيفة ، ويمكن تبرر ذلك  باسباب عدة تتعلق بعدة جهات أولها اسباب تتعلق بالمستثمرين الذين قد يتخوفون للاستثمار فى مجال يتصف بالمجازفة والحاجة لقترة طويلة نسبية لتحصيل العوائد وبناء سمعه تشجع المواطنين لارتياد مؤسسات الصحية للقطاع الخاص . من جانب اخر هنالك أسباب تتعلق بالمواطن ورؤيته لفكرة العلاج بالداخل ، لان زيادة إنفاق الدولة على العلاج بالخارج سنويا تؤكد رؤية المواطن بافضلية العلاج بالخارج ، لذا هنالك دورا غالى على المواطن يتمثل فى محاولة تغيير قناعاته الشخصية و تعلية مساهمته الوطنية فى تنمية وتشجيع القطاع الخاص الكويتى واعطاءه فرصة التنافس فى تقديم افضل الخدمات . للدولة دور مهم جدا فى تقوية القطاع الخاص الصحى من خلال استراتيجية الكويت (كويت 2035) بتهيئة كل الاجراءات والقوانين والحوافز التشجيعية للمستثمرين للدخول فى هذا المجال والذى سيساهم بدوره فى تحويل اموال العلاج بالخارج وتحويلها للاقتصاد الكويتى ، ولا تتوقف فوائد الاستثمار الصحى عند هذه النقطة لاننا نرى ان موقع الكويت كمركز مالى عالمى وتجارى يمكن من تنفيذ مدن صحية اقليمية لمعالجة لكافة الامراض  واستقطاب الكفاءات العالمية من الكوادر الطبية مما يبنى سمعة طيبة تشجع الباحثين عن الرعاية والسياحة العلاجية فى الدول الخليجية المجاورة من زيارة الكويت وجعله مناره مشهوره فى هذا الامر. نوصى بتسارع الخطى لتبنى مثل هذه الرؤية المستقبلية والتى تعظم من دور الاستثمار الصحى الخاص وتروج للفرص الواعدة لهذا المجال أذا تكاتفت الكويت شعبا وحكومة فى المساهمة فى تنمية القطاع الصحى الخاص.

 

بقلم: محمد يحيى إدريس

إقتصادى صحى