يعد توفر الحقوق الصحية للمواطن في أي دولة من الدول ، معيارًا أساسيا للتقدم والمقارنة وقياسًا لمدى قدرة هذه الدولة على توفير الحياة الكريمة والرعاية الصحية السليمة ، لذا يعتبر الحق في الصحة من الحقوق الأساسية التى أولتها المواثيق الدولية اهتمامًا خاصًا لارتباطه المباشر بحق الإنسان في الحياة . الإنسان هو هو الاخر يسعى  للمحافظة على حياته ويتبع في ذلك كل الأساليب التي تساعده في التمتع بأكبر قدر من الصحة ، إذ أن المرض من العوامل التي تستطيع أن تشل قواه وينهي حياته أحياناً، بالاضافة الى أنه يؤثر على مستوى دخله عن طريق تحمله لنفقات المعافاة من المرض خاصة اذا كانت باهظة ، مع الوضع في الاعتبار أن هذه الكلفة قد تزداد باضطراد لعدم معرفته بالكلفة الكلية للمرض ومتى ينتهي ، لذا  يعتبر الإنسان المعافى صحيا وبدنيا محرك رئيسي لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أضف إلى ذلك أن الطبيعة المزدوجة للصحة في كونها وسيلة وغاية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في آن واحد جعلت الرعاية الصحية أولوية مهمة من أولويات الدول .

    يأتي مقدارالإنفاق الحكومي على قطاع الصحة كترجمة حقيقية للأهمية التى توليها الدول نامية أو متقدمة لهذا القطاع مقارنة بالقطاعات الاخرى ولكن وبالرغم من تزايد هذه  إلانفاق باضطراد في كل عام لم تكن مخرجات هذا الإنفاق متوازنة مع مقدار ما ينفق فيه ، لذلك كثر الحديث عن ضرورة تطبيق ما يعرف بمنهج اقتصاديات الصحة على القطاع الصحي وإتباع أسلوب التحليل الاقتصادي لمعرفه مكمن العلل في هذا القطاع .

        تاريخيا ظهر علم “اقتصاديات الصحة” للبحث في كيفية تطبيق أدوات علم الاقتصاد على قضايا الرعاية الصحية، وتوضيح جوانبها المختلفة ، بحيث تصبح أكثر قابلية للتحليل. لذلك يعتبر فرع حديث من فروع علم الاقتصاد ، بهذا المفهوم يمكن لاقتصاديات الصحة كعلم ان يحدد حجم التدخلات الطبية والصحية  المطلوبة و حل الاشكاليات التى تواجه النظم الصحية فيما يلى قضايا الكفاءة والفاعلية فى استخدام الموارد الصحية المتاحة  من خلال استخدام ألاساليب والتقنيات الخاصة به ، كما يمكن لعلم اقتصاديات الصحة إيجاد آليات تؤدي إلى احتواء التزايد المستمر في نفقات القطاع الصحي أخذين في الاعتبار أن قطاع الرعاية الصحية يعتبر من أكبر القطاعات وأسرعها نمواً في العالم ..

       إن  الجهود المتزايدة لتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية فى ظل تفشي الأمراض المزمنة و التغير المضطرد للخريطة الوبائية وظهور أنماط جديدة من الإمراض مع ارتفاع متوسط الأعماروالتكلفة العالية للتكنولوجيا الطبية الحديثة قادت إلى زيادة الإنفاق على الصحة بصورة متزايدة  في كل عناصر الخدمات الصحية لأنه مهما زادت الدولة من الإنفاق على الصحة في الوقت الراهن إلا أنه يتعذر استدامة النموذج القائم على المدى الطويل والذي تتحمل فيه  الدولة القسط الأكبر من التكاليف المباشرة للرعاية الصحية ، لذا أصبح هناك إدراك واسع من قبل المختصين متخذي القرار فى قطاع الصحة  بضرورة تنفيذ خطط تهدف إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية عبر ارادة حقيقية  لمواجهة التحديات .

     أن أولى خطوات الحل تستوجب معرفة وإلمام المخططين الصحيين أولا ومتخدى القرار ثانيا بأهمية علم اقتصاديات الصحة والقناعه الوافرة بضرورة تطبيقه وتنزيله على ارض الواقع عبر الخطط الاستراتيجية  ومتابعه المخرجات لقياس مدى تحسين الذى احدثه فى الخدمات الصحية وزيادة الفعالية ،  لذا نوصى بالاسراع بالبحث والاطلاع عبر وسائل المعرفة عن هذا العلم .

أ. محمد يحيى إدريس

إقتصادى صحي