ظهر في  السنوات الأخيرة نمو كبير ومتزايد في قطاع الخدمات والذي أصبح يشغل مكانة متميزة في اقتصاديات الدول،

ومن بين القطاعات الخدمية التي تحتل موقعا متميزا نجد قطاع الخدمات الصحية

وذلك بسبب الأهمية التي تفرضها طبيعة الخدمات التي يقدمها هذا القطاع  واتصالها المباشر بصحة أفراد المجتمع  وحياتهم،

فقد أصبح الوضع الصحي لأي مجتمع يعطي صورة واضحة عن مدى التطور الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي

وهذا ما دفع الدول المتطلعة للتقدم والنمو إلى زيادة الاهتمام بالخدمات المقدمة من قبل المؤسسات الصحية.

ومع هذا النمو في قطاع الخدمات الصحية وزيادة عدد السكان ازداد الطلب على الخدمات الصحية بصورة كبيرة،

وترتبط هذه الزيادة باختلافات ترجع لعوامل عدة منها  الهيكل العمري للسكان ،  ونوعية الامراض ، والحالة المرضية،

والضغط على بعض التخصصات الدقيقة وكذلك الادوية و نوعية الفحوصات بالزيادة او النقصان .

وقد شهدت الأنظمة الصحية بالمملكة العربية السعودية ثلاثة أجيال من الإصلاح في سبيل الاستجابة إلى تلبية الطلب على الخدمات الصحية : ركز الأول على إنشاء الأنظمة الوطنية الصحية  والثاني جعلها اكثر كفاءة وعدالة،

والثالث على  تقدير الطلب على الخدمات الصحية.

سوف نسلط الضوء على مفهوم الطلب على الخدمة الصحية والعوامل المؤثرة وواقع الطلب للخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية حسب المعلومات والاحصاءات 

مفهوم الطلب

بشكل عام الطلب هو “الكميات التي يرغب المستهلكون في شرائها من سلعة أو خدمة معينة

خلال فترة زمنية محددة عند أثمان مختلفة ، على أن تكون هذه الرغبة مدعمة .

وبما أن مصطلح الطلب يعبر عن كميات مختلفة عند أثمان مختلفة وبذلك

فهو يختلف عن مصطلح الكمية المطلوبة إذ أن هذا الأخير عن كمية معينة عند ثمن معين .

الرغبة بالشراء سلعة أو التمتع بخدمة تساندها القوة الشرائية اللازمة ويعرف الطلب بأنه تدفق عبر الزمن .

أما الطلب في القطاع الصحي يعني مخصصات المرضى المطلوبة

في فترة زمنية تشمل دراسات الوضع الصحي لمنطقة محددة أو مناطق كثيرة او الدولة بكاملها،

وفقا لمتغيرات الطلب على العلاج أو التشخيص .

أما الطلب على الخدمة  الصحية فهو طلب مشتق من الطلب على الصحة وهو

طلب ضغط ويختلف الطلب على الخدمات الصحية للسكان باختلاف عددهم و الهيكل العمري لهم .

ويمكن أن يكون الطلب على الخدمات الصحية متقلباً بصورة موسمية.

فمن المتوقع أن تزداد نسبة الأمراض في الشتاء مثلا فيزبد الطلب على الخدمات الصحية

وتقل الامراض في مواسم اخرى فيقلالطلب عليه .

زيادة الحاجة على طلب الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية

يواجه القطاع الصحي السعودي تحديات وفرصاً جديدة في العقد الجديد،

مع استمرار الحكومة في تمويل الطلب على  معظم الخدمات الصحية لسكان يبلغ عددهم نحو 32 مليون نسمة،

وينمو تعدادهم بمعدل مثير للانتباه يبلغ 3.752 % في السنة.

ودرجت وزارة الصحة السعودية على توفير خدمات الرعاية الصحية في المملكة وبوتيرة متصاعدة،.

أن مستويات الإنفاق في السعودية على القطاع الصحي لا تزال منخفضة عند مقارنتها بالدول الغربية،

وذلك على الرغم من النمو الكبير الذي شهدته في السنوات الماضية،

حيث أنفقت المملكة 5 % من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية فيعام 2009،

مقارنة بمتوسط يبلغ 12 % في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية،

وبلغ مستوى التغطية في المتوسط 22 سرير و21 طبيب لكل 10 آلاف شخص في المملكة،

مقارنة بمتوسط يبلغ 53 سرير و32 طبيب لكل 10 آلاف شخص في دول المنظمة.

اساسيات محددات الطلب في الخدمة الصحية

هي المحددات التي يمكن قياسها نقديا أو عدديا مثل النقود الوزن هي المحددات التي يمكن قياسها سواء عدديا أو نقديا ولكنهاذات تأثير على الطلب مثل العادات الصحية والتغذية والبيئة والتقاليد.

وتشمل هذه المحددات :

1- تغير الكمية المطلوبة

2- تغير الطلب 

3- السن

4- الامراض الأكثر انتشارا

5- التخصصات الطبية حسب اولويتها والطلب عليها .

قانون الطلب على الخدمة الصحية

قانون الطلب ( The Law o Demand ) : هو العلاقه العكسيه بين السعر والكميه المطلوبه من سلعه ما . ( بافتراض ثباتالعوامل الاخرى وهي ( الدخل والذوق واسعار السلع الاخرى البديله  .

جدول الطلب ( Demand schedule ) :

وهو توضيح لقانون الطلب بجدول يسمى جدول الطلب ,

والذي يظهر فيه انه كلما ارتفع السعر انخفضت الكميه المطلوبه من سلعه او خدمة ما . 

مرونة الطلب

هي مقياس لمدى استجابة التغيرات في الكمية المطلوبة

من سلعة او خدمة ما للتغيرات في ثمنها وتنقسم إلى ثلاثة أقسام :

1- مرونة الطلب التقاطعية

2- مرونة الطلب الداخلية

3- مرونة الطلب السعرية 

تطبيق تأثير زيادة الطلب على الأسعار في أسواق الخدمات الصحية :

إن إعانات العرض الحكومية تقدم التمويل للمؤسسات التعليمية لزيادة عدد المهنيين الصحيين مما يؤدي إلى زيادة عدد الخريجين انتقال الطلب على هذه المهن مما يجعل أجورها أقل ،

وكلما انخفضت الأجور زاد الطلب .

إلا أنه يجب ملاحظة أن هناك العديد من برامج دعم العرض الحكومية

( علماً بأن كلاً منها مصمم لزيادة توفير الخدمات الصحية )

فلا يجب توجيه برامج الدعم إلى فئة العمالة فقط وإنما يجب توجيه جزء من ذلك الدعم إلى بناء المستشفيات أيضاً .

الطلب على الكوادر البشرية الصحية

في تقارير رسمية من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تقول

“إن نسبة السعوديين العاملين في القطاعات الصحية المختلفة

لم تتجاوز 30.4 في المئة من إجمالي الممارسين الصحيين،

حيث بلغ عددهم 139 ألف ممارس صحي سعودي، في وقت بلغ عدد الممارسين الصحيين الوافدين 317 ألفا، ما بين أطباء وصيادلة وممرضين وعاملين في العلوم التطبيقية”،

هذا رغم أن الحاجة لنمو القطاع كبيرة ومطلوبة بنسب تفوق الحالية، وحين نتحول لتفصيل أكثر عن الأطباء والصيادلة،

فإن عدد الأطباء السعوديين فقط هو 25,8 ألف طبيب سعودي

يشكلون فقط 20.1% وأن عدد الصيادلة السعوديين لا يتجاوز 18% بعدد 7 آلاف فقط،

وعدد المقيمين من الصيادلة يقارب 39 ألفا،

وأيضا هذه المهن حين ننظر للحاجة الفعلية سنجد أننا بحاجة لأضعاف هذاالرقم سواء أطباء أو صيادلة،

أيضا عدد الممرضات الكلي بالمملكة يصل 245 ألفا نصيب السعوديين هو 72 ألفا، أي ما نسبته29.4%،

هذا إحصاء بسيط عن القطاع الصحي.

الطلب على خدمات الرعاية الصحية الاولية

ظل الطلب على خدمات الرعاية الصحية في المملكة في ارتفاع متواصل،

مدفوعاً اساساً بمعدل النمو السكاني المرتفع الذي بلغ6.41 % للسعوديين وحوالى 2 % لغير السعوديين.

وأدى هذا الوضع الى فرض ضغوط كبيرة على الحكومة

لتوسع نطاق خدمات الرعاية الصحية حتى تواكب الطلب المتصاعد عليها.

وفي حين نما سكان المملكة بنحو 3.3 مليون الى نحو 32 مليون نسمة خلال الخمس سنوات المنتهية بعام 2011،

تراجعت معدلات زيارات المرضى لمرافق وزارة الصحة بقدر ملحوظ،

مايشير الى تحول واضح الى خدمات الرعاية الصحية الخاصة.

وكان لقوائم الانتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية اسهامه

في ارتفاع الطلب على خدمات الرعاية الصحية الخاصة. وإ ضافة الى ذلك،

فإن الاعداد المتزايدة لمن ينضمون الى مظلات التأمين الطبي،

وخصوصاً بالنسبة لموظفي الشركات كبيرة الحجم، قد عززت الطلب على الخدمات الطبية الخاصة.

وتراجعت زيارات المرضى لمراكز الرعاية الصحية الأساسية

التابعة لوزارة الصحة بمعدل 5.5 في المئة لتصل الى 51.5مليون زيارة،

كما انخفض عدد مرضى العيادات الخارجية المسجلين بمستشفيات وزارة الصحة بنسبة 17.1 %.

الطلب على المعامل والمختبرات

ووفقاً لوزارة الصحة، ارتفع العدد الكلي لاختبارات فحص الدم في مستشفيات وزارة الصحة

ومراكزها للرعاية الاساسيةبمعدل 25 % الى اكثر من 8 ملايين خلال الفترة من عام 2005 الى عام 2011.

هذا في حين زاد عدد المتبرعين بالدم زيادة ضئيلة والذي يعزى أساساً الى النمو السكاني. وهناك زيادة ملحوظة في الطلب

على توفير اجهزة الاشعة السينية والمقطعية ،بعد التطور و التقدم الكبير الذي صاحب الصناعات الطبية في هذا المجال  .

تشير العوامل السكانية والتطور التقني الذي حدث في المجال الطبي والمنافسة إلى زيادة الطلب على الخدمات الصحية في السنوات الاخيرة ، في المملكة العربية السعودية ،

مما ادى إلى توطين العلاج بالداخل ، ورغم الاعتماد الكبير على الكوادرالبشرية الطبية والمعدات من خارج المملكة الا ان المستقبل واعد في ظل اهتمام الدولة بهذا القطاع وتطور

الصناعات الطبية و ازدهار الكليات الطبية لتحل محل  كل ما هو من الخارج .

الكاتب/ أ.سالم محمد النعيس