تختلف تعابير الطفل فيما يخص الألم باختلاف الفئة العمرية و كذلك باختلاف المقدرة العقلية على ترجمة الألم إلى 

مشاعر أو إلى تفاعلات ربما صعب على من هم حوله فهمها و تفسيرها وقد يمرّ الألم دون التعرّف عليه ما قد ينجم 

عنه اضطرابًا غير معروف السبب أو غير مبرّر .

لنبدأ بتقسيم الألم كاستجابة طبيعية حسب الفئة العمرية.

الفئة من عمر الستة أشهر حتى السنة الأولى و النصف :

لا يدرك الطفل في هذه المرحلة معنى الألم و يصعب عليه تفسيره, و بالتالي فاستجابته غالبًا ما تكون غير محدّدة أو 

غير دقيقة، قد يعبّر الطفل عن ألمه بالخوف أو القلق ,و ربما تمّكن من تحديد مصدر الألم في هذه المرحلة في انتهاء الحد المشار إليه في هذه الفئة و لكن يظل الألم مجرّد احتمال يستدعي من الطبيب و ممن يقوم على رعاية الطفل نظرة أكثر شمولية تجعل الألم احتمالاً و تبحث عن مصدره و مسبباته.

تستمر هذه التعابير الغير دقيقة حتى نهاية العام الثاني من عمر الطفل و ربما استمرت إلى سنّ الرابعة أو الخامسة.

غير أنّ الأطفال في سنّ الرابعة و ما يليها يكونون أكثر وعيًا بوجود الألم و تحديد موقعه لكنهم قد يعجزون عن 

وصفه وصفًا دقيقًا يمكّن من هم حوله من معرفة طبيعته. 

قد يعتبر الأطفال الألم في هذه المرحلة نوعًا من العقاب و قد لا يحدّدون العلاقة بين الألم و المسكنّات و بالتالي فهم لا يكترثون بوجودها أو عدمها و هنا يأتي دور الطبيب و الأسرة في إيصال المعلومة بالشكل المبسط الصحيح لكي 

يستوعب الطفل هذه العلاقة و إلا فإنّ الطفل سيكون عرضةً للتحامل على نفسه و ربما توقف عن الشكوى لدواعي 

الخوف أو التفسير غيرالدقيق لشعور الألم.

الألم في هذه الفئة العمرية عبارة عن تحدٍّ يقع فيه من هم حوله و يستمر الطفل في تحمله حسب مقدرته و ربما أسهب في تفسيره بطرق مختلفة و ربطه بأحداث ليس لها علاقة بما هو فيه ومن هنا تنثبق صعوبة الالتزام بالتدخلات 

العلاجية سواءً الدوائية أو غيرها.

من المهم الالتفات إلى أنّ الطفل في هذا العمر سيظل يبحث عن المسببات و سيجد لنفسه تفسيرات مختلفة ربما 

انعكست على سلوكه و تصرفاته ,و عليه فإنه يجب طمأنة الطفل و تهدئته والحرص على إفهامه أنّ الألم لا يمكن أن 

يكون نوعًا من العقاب و ليس له أيّ علاقة بحياة الطفل الاجتماعية أو أفكاره و تحليلاته و تخيّلاته أو تصرّفاته في 

الماضي القريب أو البعيد لكي يتطور لديه الحسّ بالألم و يستطيع ربطه بمسببّه الفعلي حسب المستطاع.

الفئة العمرية من السادسة إلى ما قبل المراهقة : 

تستمر الأفكار المتعلقة بالمسببات و كون الألم نوعًا من العقاب على اعتبار أن الألم تجربة سلبية بطبيعة الحال في هذه المرحلة رغم أنّ الطفل أكثر قدرةً على وصف الألم ,و تحديد موقعه ولكنه ربما لم يستطع تحديد مصدره.الجدير بالذكر أن 

تبعات الألم في هذه المرحلة كثيرًا ما تدعو الطفل إلى العزلة و عدم مخالطة الأقران و عدم القيام بأي مجهود 

و ربما ساءت العلاقة بين الطفل و بين من هم حوله من المقربين. التحدي في هذا العمر أنّ العزلة ربما تم تفسيرها بأنها اكتئاب و من الشائع جدًّا أن تكون مصحوبةً باضطرابات النوم و الأحلام المزعجة و المشاعر المختلطة و الغريبة ,و قد تتفاقم هذه المشاعر و ينجرف الطفل خلف التفكير في احتمالية الوفاة و هو ما يفاقم الخوف لديهم و يزيد من تعقيد الحالة 

و صعوبتها.

نشاهد في المستشفيات في هذه الفئة العمرية تصرّفات تزيد الحالات تعقيدًا كأن يرفض الطفل مجرّد لمسه و الحديث 

معه و يصبح الفحص الإكلينيكي أكثر صعوبةً و نلجأ إلى حل شفرات الألم و مسبباته و قد نضطر إلى إجراء الفحوصات التشخيصية و التي تستدعي تأهيلاً و إعدادًا نفسيًّا مطوّلاً.

كلمّا تقدّم العمر بفئة اليافعين آنفة الذكر كلّما زادت الأمور تشابكًا و تعقيدًا، و استدعت البحث عن كل محور من 

المحاور التالية بشكل مفصّل.

أولاًالعوامل الخاصة بهذه الفئة العمرية و المتمثلة في الثقافة، الشخصية، التجارب السابقة المتمثلة في العلاقات 

و الدائرة الاجتماعية.

ثانيًاالعوامل الشعورية مثل القلق، الاكتئاب، الخوف من الوفاة الغير متوقعة، الهلع، التوتر و الغضب.

ثالثًاالقدرات العقلية و مستوى الفهم و الإدراك بشكل عام و فهم المرض و طبيعته و مدى خطورته و تبعاته على

وجه الخصوص.

يندرج تحت هذا المحور المعتقدات فيما يخص الألم، المرض، الأمل، العلاج، الشفاء، الانتكاسات و الوفاة.

 كذلك الأفكار و التوجهات و المبادئ و الخطط المستقبلية.

رابعًاعوامل خاصة بالبيئة المحيطة، الأقران، الوالدين، مقدّم الرعاية و مدى عمق و جودة العلاقة بين هذه الأقطاب.

أما تصنيف الألم حسب القدرات العقلية فهناك توصيات طبية خاصة بالتعامل مع هذه الفئة ممن لا يستطيعون التعبير عن الألم نتيجة لاعتلال وظائفهم العقلية ليس المجال للحديث عنها في هذا المقال.

 

 

 

 

 

 

د.خالد بن جمعان الغامدي
أستاذ طب الأطفال المساعد
استشاري طب الأطفال
استشاري رعاية الحالات المزمنة و المعقدة و الرعاية التلطيفية لدى الأطفال