يشهد العالم في الوقت الراهن نهضة غير مسبوقة في نمو البيانات، ومحاولات عديدة في استغلال نموها، يتمثل ذلك عن طريق تحليلها واستخدامها للاستفادة منها، في حين تكمن أهمية البيانات لصناع القرار في اكتشاف المسار الصحيح نحو الهدف، عندئذ سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب. إن وجود الكم الهائل والمتزايد من البيانات خلق ما يسمى بالبيانات الكبيرة (Big Data)، والتي ليست بوسع قواعد البيانات التقليدية تحّملها، وليس باستطاعة الحواسيب التقليدية تحليل ذلك الكم الهائل من البيانات. تتولد البيانات عادةً تلقائياً إما بواسطة تفاعلنا أثناء استخدام الأجهزة الذكية في عملية إنتاج البيانات أو عن طريق الأجهزة المترابطة مع بعضها البعض. البيانات عبارة عن مجموعة من القياسات والرموز والإجراءات والنصوص الغير منظمة والتي تحتاج إلى جمعٍ ومعالجةٍ ومن ثم تحليل لتلك البيانات من أجل استعراضها.

– أين توجد البيانات في الرعاية الصحية وكيف نستفيد منها؟

توجد البيانات في الرعاية الصحية في كافة أرجاء المنشآت الصحية، فهي متواجدة في المستشفيات والعيادات وغرف العمليات وغيرها. فالسجل الطبي للمريض، على سبيل المثال، يعد أحد المصادر الرئيسية الذي ينتج لنا البيانات، وكذلك مقدمو الرعاية ينتجوا لنا بعض البيانات، وبالتأكيد هناك بيانات هائلة تُنتج من خلال الاجهزة والأنظمة بأنواعها المختلفة. تصور لو استطعنا تحليل كل هذه البيانات كيف سيصبح الحال؟ سنحصل على بيانات مترابطة وغير مترابطة بحاجة أن نجمعها ونقوم بمعالجتها وتنظيفها، ومن ثم تحليلها لاستنباط رؤىً جديدةً ونماذج باستخدام الخوارزميات لاتخاذ أنسب القرارات. فعلى سبيل المثال الحصول على البيانات التي قد تساعدنا في اكتساب المعرفة، وسوف تزيد هذه المعرفة من الدقة أثناء القيام بالفحوصات الطبية السريرية، فمثلاً تحليل السجلات الطبية للمريض وعائلته للكشف عن سلسلة الأمراض الوراثية المصابين بها، ومن المحتمل أن تحتوي هذهِ السجلات على أمراض عائلية لم تكن معروفة لديهم مسبقاً وأعراض دائماً ما تصيب هذهِ العائلة، ثم يتم اتخاذ القرار الإكلينيكي، والهدف إجراء العلاج بطريقة معينة لتفادي نمو المرض لدى أبنائهم وحتى لا يتفاقم لدى الآباء، هذا الإجراء يساعد على تقليل منع الأخطاء الدوائية والتكلفة العلاجية، وتعزيز رعاية المرضى بشكل أفضل. مما لا شك فيه أن الجهود التي تبذل في تحليل البيانات لن تذهب سدا، لنأخذ تجربة أحد اشهر العيادات حول العالم وهي عيادة كليفلاند والكشف عن أحد الأسباب التي نقلتها إلى مراتب أرقى وأفضل العيادات سمعةً في تقديم تجربة فريدة للمريض سواءً كانت سريرية أو خدميّة وتحقيق نجاح إداري باهر في اتخاذ القرار السليم في التوقيت المناسب، ببساطة هو الاعتماد على البيانات وقياس أداء الأعمال والمبادرات التي تطلقها، وهنا يتبين لنا مدى أهمية البيانات والاستفادة من تحليلها في إيجاد الحلول وتحقيق القفزات الناجحة في مجال الرعاية الصحية.

 

 

 

 

تحياتي:

أ\احمد العبدكريم.