المحاكاة في الرعاية الصحية
الابتكار الصحي _ ا/ الهام المنقاشي
ماهي المحاكاة ؟
هى عملية تقليد محاكاة لشيء أو ظرف ما حقيقي أو عملية واقعية، وهى تتضمن بصفة عامة بعض الخصائص الأساسية لسلوكيات النظام المادي أو المجرد المعنية به، وهى تستخدم في العديد من السياقات المهمة التي تخدم الإنسان حيث تتضمن محاكاة نماذج النظم الطبيعية والإنسانية لتوسيع المدارك والفهم حول وظائف تلك النظم.
شهد العقدان الماضيان اهتمامًا متزايدًا سريعًا باستخدام المحاكاة لأغراض تحسين سلامة ورعاية المرضى من خلال مجموعة متنوعة من التطبيقات ويمكن تعريفها بأنها :
أداة أو جهاز أو بيئة تحاكي جانبًا من جوانب الرعاية السريرية لها تاريخ طويل في التعليم، تُقدر قيمتها لقدرتها على إعادة إنتاج بعض شروط الممارسة السريرية وتمكين المتعلمين من الممارسة في بيئة آمنة، ويتم استخدامها كأسلوب لدعم التحسين في أنظمة وعمليات الرعاية الصحية من خلال المساعدة في تشخيص المشاكل أو اختبار الأساليب الجديدة قبل نشرها بشكل حقيقي.
لقد اشتق الاهتمام بمحاكاة الرعاية الصحية إلى حد كبير من الخبرة الطويلة والاستخدام المكثف للمحاكاة لأغراض التدريب وأغراض أخرى في الصناعات غير الطبية، على وجه الخصوص، تشمل هذه الصناعات الطيران التجاري، وإنتاج الطاقة النووية، والصناعات العسكرية التي تشترك مع الرعاية الصحية في المخاطر والتعقيدات الجوهرية ، ولكنها تعتبر منظمات ذات موثوقية عالية لديها معدل فشل منخفض للغاية بالنظر إلى المخاطر الكامنة.
كيف يمكن للمحاكاة أن تحسن من سلامة المرضى
تعتبر سلامة المرضى موضوعًا مهمًا للغاية في مجال الرعاية الصحية، أصبحت أنظمة الرعاية الصحية معقدة بشكل متزايد مما يعرض سلامة المرضى للخطر فإن تطوير واستخدام المحاكاة يشارك إلى حد كبير في رؤية مشتركة لثورة مستقبلية، يتم السعي فيها لتحسين هياكل وأنظمة الرعاية الصحية من أجل السلامة والجودة، تتعلق الثورة بكيفية تعليم الموظفين وتدريبهم واستدامتهم لتوفير رعاية سريرية آمنة، بالتالي فإن جزءًا أساسيًا من الرؤية المستقبلية هو أن يخضع الأفراد والفرق والأنظمة الإكلينيكية للتدريب المنتظم المستمر وتقييم الأداء، المحاكاة هي الطريقة الحديثة لتعليم وتدريب المتخصصين في الرعاية لإتقان مجموعة المهارات المعرفية والفنية والسلوكية من خلال الخبرات المتطورة تقنيًا، يٌمكّن هذا النمط من التعلم التجريبي المحترفين والمتعلمين من ممارسة مهنتهم واختبارها مع بناء الثقة في قدراتهم قبل العمل في سيناريوهات العالم الحقيقي.
التدريب القائم على المحاكاة
يمكن إعادة إنشاء حالات الأزمات وتعقيد أنظمة العمل في مجال الرعاية الصحية في بيئات محاكاة بنفس مستوى الواقعية التي قد تحدث في بيئة سريرية حقيقية، الفائدة لذلك أن النشاط يحدث في بيئة محمية مما يسمح بحدوث الأخطاء وتحليلها وانعكاسها، يستعرض هذا أيضًا سلوك المجموعة وتنفيذ البروتوكولات، يٌمكن ذلك الفِرق أن تتخذ قرارات وتكون مستعدة لمواجهة ظروف العالم الحقيقي، في بيئة المحاكاة يصبح الخطأ فرصة للتعلم وتحقيق الكفاءات مما يعني الحد من الحوادث والنتائج السلبية.
ابرز ابعاد تطبيقات المحاكاة
– الغرض من نشاط المحاكاة وأهدافه.
– مستوى خبرة المشاركين في المحاكاة.
– تخصصات الرعاية الصحية للأفراد المشاركين.
– نوع المعرفة أو المهارة أو المواقف أو السلوك الذي يتم تناوله.
– عمر المريض الذي تتم محاكاته.
– التكنولوجيا المطبقة أو المطلوبة لعمليات المحاكاة.
دمج المحاكاة في نظام الرعاية الصحية
بالنظر إلى جميع الأبعاد، فإن المحاكاة قابلة للتطبيق بشكل واضح بعدة طرق في جميع أنحاء نظام الرعاية الصحية، لا يمكن تحقيق الثورة الكبرى التي تم تمكينها عن طريق المحاكاة إلا إذا تم دمج التطبيقات ذات الصلة بشكل كامل في النسيج الروتيني لتقديم الرعاية الصحية، تعتبر رعاية المرضى في جوهرها أكثر تعقيدًا، وتتطلب المزيد من التعاطف والتواصل البشري، مقارنة بالأنشطة الأخرى عالية الخطورة التي استخدمت المحاكاة سيتم استخدام المحاكاة لتلك الأنشطة التي تناسبها بشكل أفضل، لا سيما للأنشطة الخطرة، أو التي تنطوي على مواقف غير شائعة أو نادرة أو التي يكون التعلم التجريبي لها أكبر قيمة، يعد العثور على المزيج الصحيح من التعلم التقليدي والتعلم القائم على المحاكاة وتجربة رعاية المرضى الفعلية تحديًا مهمًا.
محاكاة الرعاية الصحية والمعروفة أيضًا باسم المحاكاة الطبية لا تساعد على ضمان أن المتخصصين والمرافق تقدم خدمات بأعلى جودة ولكن محاكاة الرعاية الصحية تزيد في النهاية من احتمالية اتباع أفضل الممارسات وتحسين الجودة وأنشطة إدارة المخاطر، علاوة على ذلك أصبح هذا التمثيل لحالات الرعاية الصحية بمثابة أداة بحث أولية ووسيلة يمكن من خلالها دمج وتسهيل زيادة سلامة المرضى في الممارسات الطبية.
أمثلة كثيرة موجودة في مستشفياتنا بالمملكة ومنها :
– عرض أطباء سعوديون اختراعهم لجهاز مبتكر باستخدام المحاكاة الطبية وذلك خلال فعاليات مؤتمر التعليم الطبي الذي أقيم يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 بكلية الطب بجامعة هارفارد ببوسطن – أميركا.
كيفية استخدام الجهاز؟ أداة تدريبية تسمح لطلاب الطب والأطباء المقيمين بالتدرب بالمحاكاة الطبية على ممارسة وتطبيق الطريقة الصحيحة لعلاج حالات خلع مفصل الكتف والمرفق وأصابع اليد في بيئة تعليمية آمنة تهدف للوصول إلى مستوى مقتدر للمتدربين في تقديم الرعاية الطبية اللازمة لحالات خلع المفاصل قبل البدء بتطبيق وممارسة العلاج على المرضى في المستشفيات وذلك بهدف تعزيز أهداف ومبادئ سلامة المرضى.
يذكر أنه تم ابتكار وتصميم هذه الجهاز للتدريب بالمحاكاة الطبية من خلال استخدام أدوات ومواد متاحة وبتكلفة منخفضة، عمل على تصميم وصنع الجهاز المبتكر كل من د.عبدالرحمن ياسين صباغ استشاري طب الطوارئ والتعليم الطبي والمحاكاة الطبية بمدينة الملك فهد الطبية ود.محمد زاهر استشاري طب الطوارئ بمستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز، بالإضافة إلى د.لؤي السليماني استشاري طب الطوارئ من جامعة الملك عبدالعزيز.
– دشنت إدارة التخدير وغرف العمليات في مدينة الملك فهد الطبية “غرفة محاكاة عمليات الأطفال”، وذلك لغرض إزالة الخوف والقلق لدى الأطفال وذويهم وقت دخول المستشفى لإجراء عمليات جراحية أو إجراءات طبية تحت التخدير، وما قد يؤثر عليهم بشكل سلبي من احتمالية حدوث المضاعفات ما قبل وأثناء وبعد التخدير العام.
وذكرت المدينة الطبية أن غرفة العمليات الجراحية و بدء التخدير هي المرحلة الأكثر إثارة للخوف عند الأطفال، مؤكدة سعيها المتواصل لتقديم الرعاية الصحية التخصصية المتكاملة بما يشمل النواحي النفسية للمرضى الأطفال وذويهم.
المصادر