الجودة الصحية (متابعات) حنين المحمود

الدعم المقدم من الحكومات الوطنية والجهات المانحة العالمية كان أساسياً في نجاح الإقليم في مكافحة شلل الأطفال البري ويجب أن يتواصل من أجل تحقيق عالم خالٍ من شلل الأطفال.

صادقت اللجنة الإقليمية الأفريقية للإشهاد اليوم على خلو الإقليم الأفريقي للمنظمة من شلل الأطفال البري بعد أربع سنوات دون تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس. وبهذا الإنجاز التاريخي، أصبحت خمسة من أقاليم المنظمة الستة – التي تمثل أكثر من 90 في المائة من سكان العالم – خالية من فيروس شلل الأطفال البري، مما يقرّب العالم من تحقيق هدف استئصال شلل الأطفال على الصعيد العالمي.

 ولم يعد هناك سوى بلدين فقط في جميع أنحاء العالم يشهدان انتقالاً لفيروس شلل الأطفال البري، هما: باكستان وأفغانستان.

 وتهنئ المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال الحكومات الوطنية لبلدان الإقليم الأفريقي، البالغ عددها 47 بلداً،  على الإنجاز الذي تحقق اليوم.

 وفي هذا الصدد، قال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: “إن القضاء على فيروس شلل الأطفال البري في أفريقيا هو أحد أعظم الإنجازات في مجال الصحة العامة في عصرنا، ويشكّل لنا جميعاً مصدر إلهام قوي لإنهاء مهمة استئصال شلل الأطفال على الصعيد العالمي”. وأضاف قائلاً “أشكر وأهنئ الحكومات والعاملين الصحيين والمتطوعين المجتمعيين والزعماء التقليديين والدينيين والآباء والأمهات في جميع أنحاء الإقليم الذين عملوا معاً لطرد شلل الأطفال البري من أفريقيا.”

 وكان للقيادة القوية والابتكار دور رئيسي في وضع حدٍ لفيروس شلل الأطفال البري في الإقليم. فقد نجحت البلدان في تنسيق جهودها للتغلب على التحديات الرئيسية التي تواجه تمنيع الأطفال، مثل المستويات المرتفعة من حركة السكان، وحالات النزاع وانعدام الأمن التي تحدّ من إمكانية الحصول على الخدمات الصحية، وقدرة الفيروس على الانتشار السريع والتنقل عبر الحدود.

 إضافة إلى ذلك، ساعد السخاء المستمر والالتزام المشترك بتحقيق عالم خالٍ من شلل الأطفال من جانب الجهات المانحة – بما فيها الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المتعددة الأطراف والمنظمات الخيرية – على تشييد البنى التحتية التي مكنت الإقليم الأفريقي من إيصال اللقاحات إلى عدد من الأطفال أكبر من أي وقت مضى ومن ثم إلحاق الهزيمة بشلل الأطفال البري. 

 وعلّق رئيس منظمة الروتاري الدولية، هولغر كناك، قائلاً: “خلال سنة حافلة بالتحديات بالنسبة للصحة العالمية، يمثّل الإشهاد على خلو الإقليم الأفريقي من فيروس شلل الأطفال البري بارقة أمل وعلامة تقدم تدلّ على ما يمكن إنجازه بفضل التعاون والمثابرة”. وأضاف قائلاً “منذ عام 1996، عندما انضم نيلسون مانديلا إلى منظمة الروتاري والمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال وحكومات الإقليم الأفريقي، تمكّنا من تحقيق إنجاز رائع. وهذا الإنجاز الهام الذي تحقق اليوم ينبئنا بأن استئصال شلل الأطفال ممكن، ما دام العالم ملتزما بإنهاء هذه المهمة. فلنعمل معاً على تسخير طاقاتنا الجماعية للتغلب على التحديات المتبقية والوفاء بوعدنا بتحقيق عالم خالٍ من شلل الأطفال”.

 وقد أسهمت الموارد والخبرات المستخدمة في القضاء على شلل الأطفال البري إسهاماً كبيراً في الصحة العامة ونظم الاستجابة للفاشيات في أفريقيا. ويقدم برنامج شلل الأطفال فوائد صحية بعيدة المدى للمجتمعات المحلية، تتراوح من دعم استجابة الإقليم الأفريقي لجائحة كوفيد-19 إلى تعزيز التمنيع الروتيني ضد الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.

 وفي حين يمثّل ذلك إنجازاً بارزا، فإنه يجب ألا يدفعنا للتراخي في العمل. فاستمرار الالتزام بتعزيز نظم التمنيع والصحة في الإقليم الأفريقي أمر أساسي لحماية التقدم المحرز ضد شلل الأطفال البري والتصدي لانتشار فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2، الذي توجد منه حالات في 16 بلداً في الإقليم. فوجود جيوب منخفضة المناعة يعني أن هذه السلالات لا تزال تشكل تهديداً، وهو خطر متفاقم جراء انقطاع حملات التطعيم بسبب جائحة كوفيد-19، مما جعل المجتمعات المحلية أكثر عرضة لحدوث فاشيات لفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2.

 وتدعو المبادرة العالمية لاستئصال شلل الاطفال الدول المانحة الى أن تظل يقظة ضد جميع أشكال شلل الاطفال. فإلى أن يتم القضاء على كل سلالة في جميع أنحاء العالم، سيظل الخطر محدقاً بالتقدم المذهل المحرز في مكافحة شلل الأطفال على الصعيد العالمي.

 لقد أثبت نجاح الإقليم الأفريقي للمنظمة في مكافحة شلل الأطفال البري أن إحراز التقدم في مواجهة بعض أكبر التحديات الصحية العالمية هو أمر ممكن. وتعرب المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال عن امتنانها لكل شخص وشريك وجهة مانحة وبلد ساعد في تحقيق هذا الإنجاز المذهل.