سلسلة احسان صحي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

في احدى المواقف التي رايتها في المستشفى كان لطبيب عام غير اخصائي دخل عليه مريض يشتكي أعراض الزكام فكشف عليه كشفاً مهملاً بطريقة سيئة غير مبالياً بهذه المسؤولية التي تحملها , بعد ذلك وصف له دواء خاص بالزكام فطلب المريض ان يصف له أيضا دواء كان يأخذه للكتمة و ضيق التنفس موضحاً أن الأخصائي قد وصفه له من قبل و أنه يجب أن يستمر عليه فترة طويلة و لا يستطيع أن يزور المريض ذلك الأخصائي لأنه في اجازه , فإذا بالطبيب يضرب الطاولة بيديه معرباً عن سخطه على هذا المريض و أن ما طلبه خطأ و كأنه أجرم في حق الطب ففزع المريض و أخبره أن الأخصائي أمر بذلك فما كان رد الطبيب الساخط إلا أن قال أن ذلك الأخصائي لا يفهم شيئا و أنا أعلم منه و منك و هذا خطأ و مضر و أنتم لا تفهمون أيها المرضى .

قد لا أضيف لك شيئا في سلسلة إحسان صحي لكني سأسلط الضوء على أساسيات لابد من وجودها لأن غيابها يمرض عملنا الصحي و يعل هدفنا و طموحنا بل يقتل فينا انسانيتنا و روحانيتنا .

إن أول ما قام به إبليس بعد خلق آدم هو التكبر فما قاده تكبره إلا للعمى و نزع منه هويته التي كانت مقدمه و مفضله عند ربه .

نعم لا تتهاون فالتكبر بعلم أو بمكانة أو بوظيفة في أي مجال ليس إلا طريقاً ممهدة لنفس المصير المظلم فضلاً على أن في بعض الأحيان ممارس المهنة الصحية يتكبر على مرضاه و يهمل فيهم و لا يتقن عمله و هنا المصيبة أعظم .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :-  (قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ، وروي بألفاظ مختلفة منها ) عذبته و )وقصمته ، و) ألقيته في جهنم، و(أدخلته جهنم ) ، و ) ألقيته في النارالحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني .

أيها الطبيب المغتر بمكانه أو الصيدلي المعتلي بمنزلته أو المدير الصحي المتكبر بمنصبه أو أي ممارس صحي يظن أنه فوق الناس تذكر:

 لم يرزقك ربك هذا المكان أو هذا العلم أو هذا المنصب للوجاهة و للتكبر  أو للإهمال و عدم ابداء الاهتمام بهذا المريض بل لمسؤولية و أمانة أبت الجبال أن تحملها فإذا رأيت الخطأ غيّره و لكن بطريقة تتناسب مع عملك الملائكي و إذا رأيت الرأي الصحيح السديد خلاف رأيك فدع المكابرة و لا تنسب لنفسك الصحة فهذا المكان و المنصب ليس للمفاخرة بل هو تكلفة تحملتها من رب العلى ناظر هو ما تقدمه أخير أم شر ؟ و اتقن عملك فإتقان العمل منتهاه خير و الاعراض عنه ضير بك قبل مريضك و لا تظن أن العالم كله خطأ و أنت فقط ما تقوم به هو الصحيح يقول الشافعي : رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب , أي انك قد تكون مخطأ و قد يكون الأخرون مصيبين .

لقد سألتك اتريد أن تكون زائد على الدنيا أم تريد أن تزيد؟ وأن أول خطوة بعد اختيارك أن تزيد هو أن تعرف نفسك و تحقق ذاتك بلا تكبر يقودك للعمى و اهمال الاتقان و المسؤولية و بدون بخس ذاتك الذي يقودك الى ظلام دامس لا ترى فيه إلا الخسران و الخذلان .

و الآن اسألك هل تريد أن يقودك كبرك بمنزلتك و مكانتك الى عمى أسود في ليالي مظلمة فتكون شيطان متكبر أم تريد أن تشكل هوية تقود نورك للتقدم و التفضيل بين يدي ربك ؟ فتكون انسان بهوية ملاك.

اعرف نفسك و مهنتك الملائكية و اعمل بمقتضى ذلك و إلا فانت تسيء لهذا المجال الرحيم و كل من ينتسب له .

لا يأتي ذلك إلا بالأثر الطيب و العمل الصالح و التزام كنف الله لتصبح إنساناً بهوية ملاك و لك القرار ..

 

محمد عصام منصور

تويتر : @drmhd24