تقرير الجودة الصحية_إعداد: مبارك حمدان

 

إِن الصيام وسائر التشريعات الإلهية فضلا على أنها عبادة لله تعالى فهي أيضا لتحقيق مصلحة روحية وسلوكية وبدنية لازمة لهذا الإِنسان للحفاظ على صحته الجسدية؛ لذلك فرض الله سبحانه وتعالى الصيام علينا وعلى جميع الأمم قبلنا ، قال تعالى : ( يَا أيهَا الَّذِينَ آمنوا كتِبَ عَلَيكم الصِّيَامُ كما كتب عَلَى الَّذِينَ من قَبْلكمْ لعلكم تتقون) (البقرة183)

كما أخبرنا جل في علاه أن في الصيام خيرا ليس للأصحاء المقيمين فقط ، بل أيضا للمرضى والمسافرين ، والذين يستطيعون الصوم بمشقة ؛ ككبار السن ومن في حكمهم ، قال تعالى : (أياماً معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) (البقرة:184)

والخير اسم تفضيل – على غير قياس -وهو الحسن لذاته ولما يحقق من لذة أو نفع أو سعادة ، فالصيام حسن لذاته ، ولما يحققه للمؤمن من المنافع واللذة الروحية والسعادة في الدنيا والآخرة . ومعنى (إن كنتم تعلمون) أي فضيلة الصوم وفوائده .
وهذه المنافع والفوائد متحققة لكل مكلف من الأصحاء المقيمين ، والذين يصومون بلا مشقة زائدة من أهل الرخص الذين يستطيعون تناول وجبتي الفطور والسحور كالأصحاء.

 

وعالج الصيام عدداً من الأمراض الناتجة عن السمنة : كمرض تصلب الشرايين ، وضغط الدم ، وبعض أمراض القلب. كما يساعد في علاج بعض أمراض الدورة الدموية الطرفية، فهناك أمراض عديدة تصيب الأوعية الدموية الطرفية ، والتي تبدو أن لها علاقة بنشاط الجهاز العصبي الودي ( السمبثاوي ) الزائد في نهايات الشرايين الدموية ( Arterioles ) ، ويعتبر مرض الرينود (Raynoud’s Disease) أحد هذه الأمراض ، حيث تنقبض فيه عضلات جدار الشرايين الدقيقة انقباضا ذاتيا شديدا ، مسببة آلاما مبرحة ، وتهجم هذه الآلام عند التعرض للبرد ، أو الضغط العصبي ، ولو استمر المرض لعدة سنوات فقد يؤدي إلى فقدان الأطراف ، ولعلاج هذا المرض يمنع التعرض للبرد ما أمكن ، ويتحاشى التدخين ، ويعطى المريض بعض الأدوية كموسعات للأوعية الدموية ، كما يستأصل العصب السمبثاوي الموضعي المغذي للأطراف ، ويتحاشى التعرض للضغوط العصبية والنفسية .

 

 

وقد ذكر الدكتور صباح الباقر في دراسة له سنة 1991 م أن الصيام الإسلامي يؤدي دورا هاما في علاج أمراض الأوعية الدموية الدقيقة ، ولخص هذا الدور في النقطتين التاليتين :

 

  1.  تحريم التدخين أثناء ساعات الصيام ، يقدم خدمة جليلة في علاج المرض .
  2.  لا يشكل الصيام أي مشقة أو ضغط على الجسم بل على العكس ، يعتبر عاملا مهدئا ، حيث تزداد العوامل المنشطة للإيمان في الصلاة والذكر وقراءة القرآن .

ولخص الدكتور الباقر إلى أن تثبيط الجهاز العصبي الودي ( السمبثاوي ) أثناء الصيام ، يلغي العامل الثاني المسبب للمرض ، وبالتالي تظهر فائدة الصيام الإسلامي في الشفاء من مثل هذه الأمراض.

 

فضيلة الصوم وفوائده

  • الصيام يقتل الفيروسات ويطرد السموم

fasting-secrets-2

يقول العلماء إن الامتناع عن الطعام والشراب لفترات محددة يعطي فرصة للنظام المناعي لممارسة مهامة بشكل أقوى، ويخفف الأعباء عن أجهزة الجسد لأن الطعام الزائد يرهق الجسم، ولذلك وبمجرد أن تمارس الصوم، فإن خلايا جسدك تبدأ بطرد السموم المتراكمة طيلة العام، وسوف تشعر بطاقة عالية وراحة نفسية وقوة لم تشعر بها من قبل!

كما ان الصيام يحرض خلايا الجسد ويجعلها تعمل بكفاءة أعلى، وبالتالي تزداد مقاومة الجسم للبكتريا والفيروسات وتتحسن كفاءة النظام المناعي، ولذلك ينصح الأطباء بالصيام من أجل معالجة بعض الأمراض المستعصية والتي فشل الطب في علاجها.

 

  • الصيام يقلل احتمال حدوث الأورام السرطانية

fasting-secrets-4

أظهرت دراسة أعدها باحثون بجامعة غرونوبل الفرنسية دور الصيام المتقطع في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات. كما أظهرت دراسات أخرى أن الصوم المتقطع يرفع من معدل النجاة بين الأفراد، ممن يعانون من إصابات في نسيج الكبد، والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل.

يقول العلماء إن الصوم المنتظم مع اتباع نظام غذائي طبيعي مع التقليل من أكل الملح والوجبات السريعة يمكن أن يجعل عمل الخلايا أكثر انتظاماً ويمنع تحولها إلى خلايا سرطانية، وبالتالي يكافح انتشار السرطان قبل حدوثه!

وفي دراسة حديثة نشرت في مجلة علم النفس والغدد الصماء قام بها فريق من علماء جامعة كاليفورنيا حيث أثبتوا أن الصيام لفترات متقطعة يؤدي إلى وقف انقسام الخلايا السرطانية، وقد كانت فعالية الصيام أكبر من الحمية.

 

  • الصوم يبطئ زحف الشيخوخة

health2.600776-300x160

 

ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ، حيث أظهرت دراسات علمية دور الصوم المتقطع، في تأخير هرم الخلايا الدماغية، ومساهمته في إبطاء نشوء مرض الزهايمر.

هذه الدراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في الولايات المتحدة الأمريكية، حول تأثير محتمل للصوم المتقطع، وبعض الحميات التي تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً، وتبين دور الصوم في تأخير هرم الأنسجة الدماغية.

 

  • الصيام يُكسب مزيداً من الطاقة

fasting-secrets-6

يؤكد الباحثون اليوم أن مستوى الطاقة عند الصائم يرتفع للحدود القصوى!!! فعندما تصوم أخي المؤمن فإن تغيرات كثيرة تحصل داخل جسدك من دون أن تشعر، فهنالك قيود كثيرة تُفرض على الشياطين، فلا تقدر على الوسوسة والتأثير عليك كما في الأيام العادية، وهذا ما يرفع من مستوى الطاقة لديك لأنك قد تخلصت من مصدر للتوتر وتبديد الطاقة الفعالة سببه الشيطان.

إن أكثر من عُشر طاقة الجسم تُستهلك في عمليات مضغ وهضم الأطعمة والأشربة التي نتناولها، وهذه الكمية من الطاقة تزداد مع زيادة الكميات المستهلكة من الطعام والشراب، في حالة الصيام سيتم توفير هذه الطاقة طبعاً ويشعر الإنسان بالارتياح والرشاقة. وسيتم استخدام هذه الطاقة في عمليات إزالة السموم من الجسم وتطهيره من الفضلات السامة.

إن للجسم مستويات محددة من الطاقة بشكل دائم، فعندما توفر جزءاً كبيراً من الطاقة بسبب الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، وتوفر قسماً آخر بسبب النقاء والخشوع الذي يخيم عليك بسبب هذا الشهر الفضيل، وتوفر طاقة كبيرة بسبب الاستقرار الكبير بسبب التأثير النفسي للصيام، فإن هذا يعني أن الطاقة الفعالة لديك ستكون في قمتها أثناء الصيام، وتستطيع أن تحفظ القرآن مثلاً بسهولة أكبر، أو تستطيع أن تترك عادة سيئة مثلاً لأن الطاقة المتوافرة لديك تؤمن لك الإرادة الكافية لذلك.

 

  • الصيام يعالج الضغوط النفسية

fasting-secrets-8

للصيام قدرة فائقة على علاج الاضطرابات النفسية القوية مثل الفصام!! حيث يقدم الصوم للدماغ وخلايا المخ استراحة جيدة، وبنفس الوقت يقوم بتطهير خلايا الجسم من السموم، وهذا ينعكس إيجابياً على استقرار الوضع النفسي لدى الصائم.

حتى إننا نجد أن كثيراً من علماء النفس يعالجون مرضاهم النفسيين بالصيام فقط وقد حصلوا على نتائج مبهرة وناجحة! ولذلك يعتبر الصوم هو الدواء الناجع لكثير من الأمراض النفسية المزمنة مثل مرض الفصام والاكتئاب والقلق والإحباط.

إن الصيام يحسِّن قدرتنا على تحمل الإجهادات وعلى مواجهة المصاعب الحياتية، بالإضافة للقدرة على مواجهة الإحباط المتكرر. وما أحوجنا في هذا العصر المليء بالإحباط أن نجد العلاج الفعال لمواجهة هذا الخطر! كما أن الصوم يحسن النوم ويهدّئ الحالة النفسية.

فلدى البدء بالصوم يبدأ الدم بطرح الفضلات السامة منه أي يصبح أكثر نقاء، وعندما يذهب هذا الدم للدماغ يقوم بتنظيفه أيضاً فيكون لدينا دماغ أكثر قدرة على التفكير والتحمل، بكلمة أخرى أكثر استقراراً للوضع النفسي.

 

  • الصيام يقوم بتنشيط نظام المناعة

 

Immunology-620x330

 

من أهم الفوائد التي يقدمها الصيام أنه ينشط نظام المناعة للجسم، ونحن نعلم أن جهاز المناعة هو بمثابة الجنود التي تحرس الجسم وتهاجم الفيروسات والبكتريا الضارة وتدافع عن الجسم ضد أي جسم غريب يدخل إلى الجسم. ولذلك فإن الصيام يقوي هذه “الجنود” ويزيد من نشاطها وكفاءتها، وبالتالي فهو يعمل كسلاح فعال يساعد الجسم على الدفاع عن نفسه.

 

 

التمر … غذاء وشفاء

984038_444606255629191_769909801_n

لا يمكن أن نحصي الفوائد الطبية لهذه الثمرة المباركة التي ذكرها الله في كتابه، وذكرها النبي في أحاديثه. فالتمر هو غذاء كامل ويحوي من المواد المفيدة للجسم ما لا يمكن إحصاؤه. ففيه عدد من المعادن والفيتامينات الضرورية ونوعية السكر بسيطة سهلة الامتصاص ولا تضر حتى من لديهم مرض السكر (إذا تم استهلاك التمر باعتدال). ولذلك يا أحبتي لا تنسوا التمر على مائدتكم وحتى في غير رمضان!

يعتبر التمر من الأغذية الهامة في رمضان وخلال أيام الصيام، فهو مناسب جداً للصائم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على تمر. وهناك قائمة طويلة من الأمراض يعالجها التمر، وهنا يتجلى الهدي النبوي الشريف عندما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يجوع أهل بيت عندهم التمر) [رواه مسلم].

 

وأخيراً

نقول وبكل ثقة إذا كان أحدكم يعاني من أي مرض مزمن، فعليه بالصوم المتكرر، مع الإكثار من تناول حبات من التمر على الفطور، مع قراءة القرآن باستمرار والاستماع إلى القرآن بصوت مقرئ مع الخشوع التام، وفي حالة الضرورة استشارة الطبيب والاعتماد على الغذاء الطبيعي… فإن هذا سيكون علاجاً مثالياً لأي مرض كان بإذن الله تعالى!

 

 

 

المصادر:

1- http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02-02-22-31-09/179-2010-07-31-01-19-30

2-http://www.eajaz.org/index.php/Scientific-Miracles/Medicine-and-Life-Sciences/317-Fasting