الجودة الصحية (متابعات) أحلام الصبحي

على نحو غير متوقع يكشف المهندس الجراحي معاذ بوعائشة أنه عمل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أو التصنيع في نحو 70 عملية في مدينة الملك فهد الطبية، وهو ما يكشف عن كم يفوق التوقعات من استخدام هذه التقنية في المملكة، وهي تقنية بدأت عالميا حوالي عام 1984 بعدما اخترع الأمريكي تشارلز هول إحدى التقنيات الثلاثية الأبعاد وتسمى SLA.

وتُعرّف التقنية ثلاثية الأبعاد (بالإنجليزية: 30D Technology) بأنّها نظام يعمل على عرض الصور أو العناصر في نموذج يبدو فعلياً على شكل هيكل معين، بحيث تتضمن أبعاده العرض، والارتفاع، والعمق، وهي تقنية تعمل على جعل الصور ثلاثية الأبعاد تفاعلية، بحيث يشعر المستخدمون بأنّهم يحاكون المشهد، وهو ما يُسمّى بالواقع الافتراضي. وتطورت التقنيات الطبية لتواصل ابتكار الحلول للتعامل مع صحة الإنسان، ومنها تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أو التصنيع التي تعد إحدى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والتي باتت تستخدم في الطب، وعلى الأخص في مجال زراعات الأعضاء.

تركيز عملي

بدأ تطور تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد يستخدم بشكل عملي واسع في الطب، ولعل من أبرز تطبيقاته طباعة الأعضاء البشرية بدلاً من زراعتها بالشكل التقليدي، عن طريق خلية تؤخذ من الشخص المريض ومن ثم يتم استخدامها لتشكيل عضو مطابق ومتوافق، ومنها مثلا طباعة هيكل عظمي بشكل ثلاثي الأبعاد عام 2011، وطباعة جلد إنسان عام 2010 بعدما كان الاعتماد على زراعة الجليد في حالات الحرق والتمزق والتهتك، فيما يرى فريق أن طباعة خلايا قلبية ستساعدهم على إيجاد حلول أفضل للمشاكل القلبية مثل السكتة القلبية.

آلية العمل

يشير بو عائشة إلى أن هذه التقنية تفيد في تصميم قطع طبية، عن طريق تقسيم التصميم ثلاثي الأبعاد إلى طبقات أو شرائح صغيرة توضع فوق بعضها، ومن ثم تقوم هذه التقنية بأخذ التصاميم الثلاثية الأبعاد الرقمية من برامج التصميم ثلاثي الأبعاد الموجودة في الحاسوب، ومن ثمّ تُشرّح هذا التصميم إلى طبقات ويتم إرسال هذا التصميم على شكل ملف تقوم الطابعة بقراءته، وتقوم بتشريح هذا التصميم لشرائح متعددة «ثنائية الأبعاد» وتضعها فوق بعضها على شكل طبقات قد يصل عددها إلى 300 طبقة لتشكل بعد ذلك التصميم الكبير الثلاثي الأبعاد. وأوضح «بشكل عام الزراعة بالتقنية الثلاثية الأبعاد قليلة جدا في العالم، وما زال كثير من المراكز العالمية تطور كفاءة المطبوعات ثلاثية الأبعاد المزروعة لتصل إلى مرحلة ذات كفاءة عالية». وعن ماهية المواد المستخدمة في هذه التقنية، قال «يوجد عدد كبير من المواد التي يتم استخدامها بشكل عام في هذه التقنية، ولكن في المجال الطبي والزراعات تحديدا يتم استخدام مادتي الـpeek والـTitaniumوهي ملائمة للبقاء في جسم الإنسان لمدة طويلة».

وأضاف «تستخدم مادة الـpeek في عدة مجالات ترميمية سواء للوجه أو الفكين وحتى الجزء المكسور من الجمجمة، وبالمجمل في الترميمات التعويضية التي لا يتم الضغط عليها، على عكس مادة الـTitanium المعدنية والتي تستخدم في التعويضات التي يكون عليها ضغط مثل القدمين والمفاصل بشكل عام».

الفئات العمرية والموانع

حول ما إن كانت هذه التقنية تتطلب توفر شروط بعينها فيمن تطبق عليه أو فئات عمرية معينة، بيّن بو عائشة «في مجال الزراعة عند الكبار تكون ثابتة، والعظم يكبر حولها، أما بالنسبة للأطفال فاستخدام الزراعة يكون ممكنا في حال وصل الطفل لمرحلة عمرية معينة توقفت فيها العظام عن النمو في هذه المنطقة، وبشكل عام تكون هذه التقنية أنجع في البالغين». وبالنسبة لموانع استخدامها، أشار إلى «البعض يكون لديهم تحسس من مادة الـTitanium المستخدمة في التقنية الثلاثية الأبعاد أو حتى المصنوعة بتقنيات أخرى، وهذا أمر نادر، وكذلك البعض لديهم حساسية من المواد العازلة التي تستخدم كطبقة فوق المطبوع الثلاثي الأبعاد». أما بالنسبة لمرضى السكري أو غيره من الأمراض المزمنة، أوضح بوعائشة «هنا تتم مناقشة الحالة وتفصيلها لكل مريض بشكل مختلف حسب حالته وحسب ما يراه الطبيب، فقد يكون الأمر متعلقا بهشاشة عظام لدى المريض أو غيره».

التقنية في المملكة

حول انتشار استخدام هذه التقنية وتواجدها وكيفية العمل بها أوضح بو عائشة «منذ قدومي من كندا إلى المملكة أخذت على عاتقي أن أدخل التقنية ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي بشكل كبير وعميق، وبالنسبة للتقنية ثلاثية الأبعاد الطبية بفضل الله أنا الوحيد الذي أعمل بها في مدينة الملك فهد الطبية، حيث قمت بالعمل بهذه التقنية في أكثر من 70 عملية، في عدة مجالات، حيث نستخدمها لتساعد الجراح على قطع الأماكن بدقة عالية جدا، وهذه المحددات تكون مخططة بخطة رقمية تمت عن طريق الحاسوب».

تعويض للشكل والوظيفة

قال استشاري جراحة الوجه والفكين وجراحة أورام الرأس والعنق الدكتور باسم جمال «تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد منها ما يستخدم مباشرة لتعويض أو لإعادة بناء جزء معين تغيّر في الجسم، مثل مريض فقد جزءا من عظام الجمجمة أو جزءا من عظام الوجه، ونرغب في إعادة بناء هذه العظام، حينها يتم عن طريق الأشعة المقطعية استخدام الجهة السليمة للمريض لتشكيل الجهة الأخرى بنفس الشكل والأبعاد، حتى تكون الزراعة التي ستثبت مماثلة لنفس الجهة السليمة من الوجه وهكذا، هذا بالنسبة للعظام الخارجية». وتابع «كذلك على سبيل المثال في حال فقد المريض جزءا من الفك السفلي تستخدم هذه التقنية-الطباعة ثلاثية الأبعاد- لتعويض بدل العظام المفقودة في الفك بمادة مطبوعة بهذه التقنية، بغرض تثبيته في العظام المحيطة به ومن ثمّ يُغطى بالأنسجة، وبالتالي التقنية هنا أسهمت بطريقة تعويضية لوظيفة الفك بحيث سمحت كذلك بوضع زراعات ومن ثم وضع تركيبات، أي أنها أعادت تأهيل الفم، إضافة إلى شكل الوجه».

وأكمل «هذه التقنية ذات استخدامات محدودة مثل بعض الكسور أو الأورام الحميدة شرط أن تكون الأنسجة التي ستحيط بالمادة المطبوعة سليمة وتتقبّل وضع هذه المواد».

الطباعة ثلاثية الأبعاد

– تقنية حديثة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة

– تعتمد على تقديم واقع افتراضي

– تستخدم طبيا على الأخص في مجال التعويضات والزراعات

– بقيت ذات استخدامات محدودة