التثقيف الصحي_إعداد:ا/عبدالرحمن المزروع

 

يمكن تعريف التفكير السلبي بأنه: (عملية التفكير التي يميل فيها الشخص للبحث عن أسوأ ما في الأمور وخفض مستوى التوقع لأدنى حد والاعتقاد بأسوأ المواقف)، وهذا النمط من التفكير يعمل على تدمير الحياة ويؤثر عليها بحيث يفقد الشخص جراء ذلك العديد من الفرص التي بعد مشيئة الله قد تحوّل حياته للأفضل، يقول الفيلسوف والكاتب البريطاني جيمس آلان: (أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك وستكون غدا حيث تأخذك أفكارك)، وفضلا على التأثير السيء للتفكير السلبي في حياة الشخص وظروفه المعيشية، فإنها تسبب بعد قدرة الله العديد من الأمراض النفسية والعضوية، وفي هذا التقرير المختصر سيتم الإشارة إلى علامات التفكير السلبي، وأسبابه، وتأثيره على الصحة، وبعض الطرق للتخلص منه، وأخيرا والأهم موقف الإسلام من التفكير السلبي.

علامات التفكير السلبي

  • المبالغة وتضخيم العوائق والمشاكل، وعدم التفكير بعقلانية، كما أن الذي يفكر بسلبية لا يمتلك مهارة حل المشكلات، بل يعمل على تحويل المشاكل البسيطة إلى مشاكل ضخمة ومعقدة.
  • هشاشة النقاش، حيث يعتمد من يفكر بسلبية في الغالب على الإشاعات والأكاذيب والأوهام، فهو يرى الأحداث بعين المتشائم لا بعين الحقائق.
  • التركيز على الأحداث السلبية وعدم التطرق إلى المواقف الإيجابية، وذلك بسبب سيطرة الأفكار السوداوية على تفكيره وعدم رؤيته للإيجابيات.
  • الشعور غالبا بالخوف والقلق، وهذا الشعور يمنع صاحب التفكير السلبي من التمتع بحياته ويفقد السيطرة على مجرياتها.
  • الافتقار للحلول، حيث يعتقد بأبدية المشاكل وعدم وجود الحلول، وحين يتم طرح بعض الحلول عليه فإنه سيجد مشكلة في الحل الذي تم طرحه.
  • صعوبة اتخاذ القرار، فالذي يسيطر عليه التفكير السلبي يحتاج لوقت أطول لاتخاذ القرارات إن لم يتجنّب ذلك ويحجم عن التقدم.

أسباب التفكير السلبي

  • عدم حسن الظن بالله عز وجلّ وهو القائل سبحانه وتعالى في سورة البقرة: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، ويقول جلّ وعلا في الحديث القدسي: (أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ).
  • المقارنة بالآخرين، خصوصا مع الأعلى والأفضل ماديا أو اجتماعيا أو وظيفيا، فهذه تسبب للشخص أفكارا سوداوية تجعل نمط التفكير لديه سلبيا.
  • كثرة التعرض للانتقاد، خصوصا الشخص الذي يتعرض للانتقاد في طفولته سواء في محيط الأسرة أو المدرسة أو بين أقرانه، ينشأ على التفكير السلبي الذي يسيطر على مجريات حياته.
  • مرور الشخص بتجارب ومواقف سيئة وفاشلة، واستمرار توقعه بأنها سوف تتكرر مجددا وبأنه سوف يفشل مرة أخرى.
  • متابعة الأخبار السلبية، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو الوسائل الإعلامية الأخرى، والتركيز عليها، حينها يشعر الشخص بالسوداوية ويزداد لديه التفكير السلبي.
  • مجالسة المرجفين والمتذمرين والسلبيين، والذين يعتبرون مصدرا أساسيا للتفكير السلبي وسببا رئيسيا لإشاعة الإحباط والتذمر، وهم للأسف مصدر إزعاج لمن حولهم، حيث يكون جلّ حديثهم عن السلبيات، وتنحصر مهمتهم في نشر التشاؤم وخلق الأجواء السلبية.
  • الفراغ الفكري ومحدودية التفكير لبعض الأشخاص يجعلهم عرضة للتفكير السلبي والتركيز على السلبيات والابتعاد عن الإيجابية والتعلم والإنجاز.

 

تأثير التفكير السلبي على صحة الإنسان

يسبب التفكير السلبي العديد من الأمراض النفسية والعضوية للإنسان، مثل الاكتئاب والقلق والإجهاد والتشتت وضعف التركيز وعدم الانتباه والأرق والصداع المستمر والشعور بالوحدة وزيادة الوزن وسوء الهضم وتساقط الشعر والتأثير على صحة القلب والشرايين.

 

طرق للتخلص من التفكير السلبي

  • الشكر الدائم لله عز وجل والتوكل عليه وحسن الظن به سبحانه وتعالى، واليقين بلطف الله عز وجل وأن الخير كل الخير فيما يكتبه الله عز وجل لعباده.
  • تقديم المساعدة للآخرين وخلق الأجواء الإيجابية واتباع المنهج النبوي في بث الطمأنينة ونشر التفاؤل.
  • تغيير البيئة السلبية المحيطة بالشخص ومجالسة المتفائلين والتواصل معهم وتجنّب الاحتكاك ومناقشة المتشائمين والسلبيين.
  • ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية وتجنّب الكسل والخمول.
  • التغذية السليمة وترتيب أوقات الوجبات والتركيز على ما يحتاجه الجسم من الغذاء.
  • التركيز على الأحداث الإيجابية والابتعاد عن الأخبار السلبية.
  • عدم تضخيم الأمور وعدم تهويل التحديات والنظر للأحداث برؤية واقعية.
  • كتابة نقاط القوة والتركيز عليها والعمل على تنميتها.
  • تجاهل ونسيان المواقف السلبية الماضية والتي تسبب القلق والضغط النفسي.
  • قراءة كتب تنمية الذات والاصدارات الثقافية لزيادة المعرفة وتعزيز الثقة في الذات.
  • استشارة الطبيب النفسي والمختصين في علم النفس عند الحاجة.

 

التفكير السلبي في الإسلام

الدين الإسلامي دين الشمول والرحمة والرأفة بالإنسان، والله عز وجل رحيم لطيف بعباده، يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ويقول جل وعلا أيضا في سورة البقرة: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، وقول عزّ من قائل من سورة يوسف: (وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، ويحثنا الشرع الحنيف على العمل والتفاؤل وحسن الظن بالله عز وجل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بَشِّروا وَلا تُنفِّروا، ويَسِّروا وَلا تُعسِّروا)، ويقول صلى الله عليه وسلم في حسن الظن بالله عز وجل: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ باللَّهِ الظَّنَّ)، لذلك يجب على المسلم التقرّب لله عزّ وجل بإحسان الظن به سبحانه وتعالى وتجنّب التفكير السلبي وترك التشاؤم، وأن يكون متفائلا وممتنا وشاكرا لنِعم الله ويتذكر قوله سبحانه في سورة غافر: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)، كما حذّر الإسلام من السلبيين والمتشائمين والمرجفين، وذلك لأن الإرجاف يضعف الهمم ويوهن العزائم ويعين العدو، يقول سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)، وذلك لعظم خطر المرجفين على المجتمع، فهم يضخمون الأحداث ويثيرون الفتن وينشرون العيوب ويخفون الفضائل ويتجنبون الحديث عن الإيجابيات، والمؤسف عندما يعتقد بعض المرجفين أن ما يفعله ويمارسه هو النقد البناء والإصلاح، حينها نتذكر قول الله عز وجل عنهم في سورة البقرة: (وإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكن لَّا يَشْعُرُونَ).

 

المصادر:

المصدر الاول

المصدر الثاني

المصدر الثالث

المصدر الرابع