التثقيف الصحي:اعداد/ الهام المنقاشي

العنف سلوك غير عقلاني وهو آليه يلجأ إليها الإنسان للتنفيس عن ظلم وقع عليه، او للتذمر من القيود التي تكبله لتنفيذ رغبة ما له، فالعنف ظاهرة لها أسبابها المؤدية إليها، ولا يوجد مجتمع يخلو منها أي أنها ظاهرة منتشرة لكنها تؤدي الى احداث خلل بالنظام الاجتماعي، ويعرف العنف الاجتماعي بأنه كل سلوك مادي او معنوي مقصود يُسبب إيلاما جسديًا او نفسيًا، يصدر عن فرد او جماعة او مؤسسه ويستدعي رد فعل متبادل لإلحاق الأذى بالشيء المدرك على أنه مصدر فعلي للإيذاء.

نشوء العنف الاجتماعي:

أي ثقافة تقوم على النرجسية ورفض الآخر والانغلاق، لن تكون إلا ثقافة للعنف، تغلق العقل وتحبط التنمية، لأنها لا تصدر عن العقل إذ ترفض العقلانية بل أنها تكون بمثابة تعصب انفعالي في محاولة لإجبار الآخر على الخضوع، ولا تخلو أية ثقافة من العنف بين قهر التقاليد، وقهر الأسرة، والقهر الاقتصادي والسياسي حيث تتطور شخصية الفرد تحت عنف شامل يمنع تفتحها ومجابهتها لحقائق الحياة والوجود، وتنتج لديه عقلية متصلبة محدودة الأفق، كل هذا يولد شخصية مفككة منطوية ومرتدة إلى الماضى تحت إدعاء التمسك بالتقاليد حتى تكاد ثقافة العنف تبدو جزء من طبيعة الأمور، وهنا تكون علاقة الفرد بالمجتمع يسودها التناقض الذي ينعكس على تصرفاته ويترجم في النهاية إلى صراع وعنف وعدوان.

مستويات العنف الاجتماعي:

  • العنف على المستوى الأسري وهو الشكل الأكثر انتشارا من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويكون نتاج عدم المساواة بين مسئوليات المرأة والرجل داخل الأسرة وما يترتب عليه من تحديد لمكانة كل فرد في الأسرة وفقا لما يمليه النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد، وهو غالباً ما يكون نمط سلوكي يستخدم لكسب أو الحفاظ على السلطة والسيطرة من قبل شريك الحياة أو أحد أفراد الأسرة ويشمل سلوكيات التخويف والترهيب والحرمان والتهديد والأذى الجسدي والنفسي والجنسي وسلوكيات تحط من كرامة ومكانة الطرف الآخر.

  •  العنف على المستوى المجتمعي 
وهو أيضا يشمل العنف الجسدي والنفسي الذي يحدث للفرد في إطار المجتمع الذي يعيش فيه سواء في العمل أو المدرسة والإطار الذي يتحرك فيه لممارسة حياته الذي يواجه فيه استغلال وسوء معاملة.

عوامل الخطر التي تُنبأ بممارسة الفرد للعنف داخل مجتمعه:


يمثل العنف مشكلة صحية عامة عالمية وهو يشمل طائفة من الأفعال، من التنمر والشجار مروراً بالاعتداءات النفسية والجسدية الأشد خطورة ثم النهاية بالوصول إلى جرائم القتل، وهناك العديد من العوامل التى تزيد من العنف بشكل عام لدى أى فرد ولدى الشباب بشكل خاص لأنهم ينتمون إلى فئة عمرية تتميز بالقوة والعنفوان والتى ترتبط بالقدرة على ممارسة العنف.

– عوامل الخطر على مستوى الفرد
 ( فرط النشاط
، الاندفاع
، قلة التحكم في السلوك
، مشاكل الانتباه
، خلفية السلوك الاستفزازي
، تعاطي الكحوليات والمخدرات والتبغ
، المعتقدات والتصرفات المعادية للمجتمع
،التعرض للعنف في الأسرة

)

– عوامل الخطر ضمن العلاقات الاجتماعية المختلفة،الأسرة والأصدقاء( نقص رصد الآباء ومراقبتهم لأطفالهم
، الممارسات التأديبية الأبوية القاسية أو المتسامحة أو المتناقضة، انخفاض مستوى التعلق بين الآباء وأبنائهم،قلّة مشاركة الآباء في أنشطة أبنائهم
، تعاطي الآباء لمواد الإدمان أو انغماسهم في أعمال إجرامية
، انخفاض مستوى دخل الأسرة
، مخالطة زملاء منحرفين)

– عوامل الخطر داخل المجتمع الذي يعيش بداخله الفرد
( انخفاض مستويات الاندماج الاجتماعي داخل المجتمع المحلي
، العصابات والشبكات المحلية والمخدرات، انعدام البدائل السلمية غير العنيفة لتسوية النزاعات
، ارتفاع مستوى التفاوت في الدخل
، التغيرات الاجتماعية والديمغرافية السريعة
، التوسع العمراني
، القوانين القائمة في البلد ومدى فاعليتها)

آثار العنف الاجتماعي:


لا شك أن العنف يدمر الإنسان على كافة المستويات النفسية والصحية والعلاقات الاجتماعية والبنية الذاتية وما بها من قيم وتقدير الذات، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية العنف كمشكلة صحية نظراً للإصابات الجسدية والعاهات الناتجة عنه، فقد أشارت المنظمة تتسبب الإصابات الناجمة عن العنف في وقوع 10% من مجموع الوفيات و 16% من مجموع حالات العجز، وتؤدي الإصابات إلى إحالة عشرات الملايين من الناس إلى الطوارئ في المستشفيات، علماً بأن البعض منهم قد يضطر إلى البقاء بضع أيام في المستشفى لتلقي العلاج، وفي معظم المجتمعات تواجه الفئات السكانية التي تتسم بمركز اجتماعي اقتصادي متدن مخاطر التعرض للإصابات على نحو أكثر من غيرها، كما أنّها تعاني من آثار تلك الإصابات بشكل أكبر، 

كما يؤثر العنف بشكل مباشر على الفرد وعلى محيطه من العائلة والأطفال وبالتالي يضر المجتمع ونسيجه العام ككل، حيث يسبب عدم الثقة بالنفس وعدم الشعور بالأمان وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي.


الآثار البيولوجية للعنف اصبحت أكثر فهماً بشكل متزايد وتشمل التأثيرات على الدماغ، ونظام الغدد الصم العصبية، والاستجابة المناعية، وتشمل العواقب زيادة حالات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والانتحار، زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات المبكرة، تختلف العواقب الصحية للعنف باختلاف عمر الضحية وجنسها وكذلك شكل العنف.

المصدر