د. أسامه فلاته 11/06/2022 – لندن

بعد صدور موافقة المقام السامي الكريم على تأسيس شركة الصحة القابضة وتنظيم مركز التأمين الصحي الوطني بالمملكة العربية السعودية، استبشر الكثيرون بأن تُحدث القرارت الحديثة آثاراً إيجابية على أداء القطاع الصحي بالمملكة. فكيف سيعمل الكيانان المستحدثان على رفع جودة الأداء وتعزيز مبدأ الرعاية الصحية المعتمدة على القيمة؟ . للإجابة على السؤال، سنعرج على الخطوط العريضة لآلية عمل النظام الصحي القائم على القيمة:
* لنا أن نتخيل منطقة جغرافية يحصل سكانها على مختلف الخدمات الصحية التي يحتاجونها من خلال منظومة متكاملة ومترابطة من المراكز والمسشفيات الطبية التي تتبع للتجمع الصحي.

* تتمتع هذه المؤسسات بقاعدة قوية من مراكز الرعاية الصحية الأولية يقودها أطباء الأسرة تتشارك المسؤولية فيما بينها عن توفير رعاية منسقة للمستفيدين تراعي جودة الرعاية المقدمة والإنفاق الحكيم.

* يدخل التجمع الصحي والمؤسسات التابعة له في اتفاقيات وعقود مع مركز التمويل الوطني لتقديم خدمات رعاية صحية ذات جودة عالية تهدف إلى رفع قيمة النتائج لدى شركاء النظام الصحي (المريض/المجتمع – الممول – المشرع).

* سيمتلك التجمع الصحي – من خلال المؤسسات الصحية التابعة له – معلومات وافية عن سكانه المستفيدين من خدماته بما في ذلك (عدد السكان – عمر الأفراد – نسبة الذكور للإناث – عدد الأطفال – الولادات – الوفيات – الأمراض المزمنة المنتشرة – نسبة التعليم – نسبة البطالة – مستوى الدخل ….. الخ). ولعلنا نسترجع أن أسئلة موظفي تعداد السكان الحالي تضمنت معلومات مرتبطة بهذا الشأن.

* ستمكن هذه المعلومات التجمع الصحي من وضع ميزانية تقديرية لاحتياجات المستفيدين الصحية لفترة زمنية معينة – عادة ما تكون سنة – ويطلب من الممول (مركز التأمين الصحي الوطني) رصدها واعتمادها.

* يتفاوض ممول الخدمة مع مقدم خدمة الرعاية الصحية حول التكلفة لتقديم الرعاية المبنية على القيمة من منظور المستفيدين، لا على عدد المستفيدين فقط أو من منظور مقدم خدمة الرعاية.

*  في حال الاتفاق تصرف الميزانية بناءاً على معايير واشتراطات التمويل والجودة ويتعين على التجمع الصحي والمؤسسات التابعة له الإستمرار بتلبيتها. تشمل معايير الجودة -على سبيل المثال لا الحصر- بنوداً تتعلق بسلامة المستفيدين – سرعة الاستجابة لإحتياجات المستفيدين – تقديم رعاية صحية مبنية على البراهين – الإنفاق الحكيم وخفض هدر طاقات الموارد البشرية والمادية – عدالة توزيع الخدمات بين المستفيدين – تمحور الرعاية حول المريض ومن يعتني به.

* للإستمرار في تقديم الخدمة وفق المعايير المتفق عليها، ستحرص التجمعات الصحية والمؤسسات التابعة على إستقطاب الكوادر المتميزة وتطوير وتدريب منسوبيها وتوفير الأدوات التي تمكنهم من تقديم خدمات ورعاية عالية الجودة على مختلف نظم ومستويات الرعاية الصحية تبعاً للنموذج الصحي الحديث.

* ستتمكن التجمعات الصحية التي تلتزم بتطبيق معايير الجودة والرعاية الحكيمة من خفض الإنفاق وتحقيق فوائض مالية في نهاية العام المالي، وبما أنها مؤسسات غير ربحية فهي تستطيع الإستثمار في هذه العوائد لتنمية مواردها المالية والبشرية.

 

 

 

بإختصار، سيصبح الوضع أشبه بما يكون صراعاً على البقاء يحتكم إلى الجودة ولا مجال للإستمرار فيه إلا للأفضل.