النظام الصحي

 

مع اقترابنا من منتصف القرن الحادي والعشرين تواجه جميع البلدان ضغوطًا لإصلاح الأنظمة الصحية بالعالم كافة نتيجة الضغط الحاصل من ارتفاع المصروفات وقله جودة وكفاءة المخرجات وهذا ما يضع صُناع القرار بالدول لإعادة النظر وتوجيه السؤال لماذا تحصل هذه النتيجة العكسية والى متى ستستمر؟

لماذا المانيا!

تم اختيار النظام الألماني لأنه كان أول نظام تأمين صحي وطني وكان معيارًا لجميع الأنظمة الأخرى وعَقِب سن النظام الألماني حدثت خلافات حول تمويل الرعاية الصحية في كل الدول المتقدمة، وكثيراً ما يتم التذرع والاستشهاد بالدروس المستفادة من التجربة في ألمانيا

فئات أنظمة الرعاية الصحية

السمة المميزة الرئيسية لأنظمة الرعاية الصحية في المانيا هي درجة اعتمادها على الآليات المختلفة سوا الحكومية أو الخاصة لتمويل الرعاية وتقديمها بشكل مبسط يمكن تحديد ثلاثة نماذج لتمويل الرعاية الصحية:

  • الضرائب

تتحصل الأنظمة الممولة من الضرائب على أموال الرعاية الصحية من خلال ضرائب الرواتب. يتم جمع الأموال من قبل السلطة مركزية

  • التأمين الاجتماعي (الزامي)

في ألمانيا وفرنسا واليابان وهولندا يدفع المشتركون لصناديق العلاج (التامين الصحي). هذه الصناديق غير ربحية وهي إلزامية

  • التأمين الخاص (طوعي)

الميزات الرئيسية لنظام الرعاية الصحية الألماني

إن الوضع الحالي لنظام الرعاية الصحية الألماني هو نتيجة لتطور تاريخي طويل. تم وضع أساس هذا النظام من قبل “بسمارك” أول مستشار للدولة الألمانية في عام 1883 ومنذ ذلك الحين تم تعديل نظام الرعاية الصحية مع تغير احتياجات المجتمع والموارد التكنولوجية يتميز نظام الرعاية الصحية الألماني بتأمين صحي قانوني – ينص القانون على أن جميع الأشخاص (حتى دخل معين) لديهم تأمين صحي يقوم هذا التأمين الصحي القانوني على مبدأ التكافل الاجتماعي يتلقى الأفراد خدمات الرعاية الصحية الضرورية، لكنهم يساهمون في صندوق العلاج (التامين الصحي) فقط حسب دخلهم تشمل الخدمات التي يقدمها التأمين الصحي القانوني تعزيز الصحة  والوقاية من المرض والتشخيص المبكر للمرض  وعلاج الأمراض والحق في استحقاقات الجنازة العناصر الرئيسية لنظام التأمين الاجتماعي هذا هي (1) صناديق العلاج غير الربحية التي تؤمن حوالي 90٪ من السكان و (2) الاتحادات الإقليمية للأطباء (Kassenarztliche Vereinigung) التي تقدم رعاية المرضى مقابل الرسوم التي يتم التفاوض عليها مع صناديق العلاج.

التقسيمات الاجتماعية

السمة الأولى لنظام الرعاية الصحية الألماني لامركزي توفر صناديق العلاج تغطية تأمينية لحوالي 90٪ من السكان ومن بين الـ 10٪ المتبقين هناك حوالي 8٪ لديهم تأمين خاص وحوالي 2٪ مغطاة من قبل الحكومة. تختار نسبة كبيرة من السكان الذين يغطيهم الصندوق أن يكون لديهم تأمين خاص إضافي لا سيما للرعاية داخل المستشفى. أقل من 0.5٪ من السكان ليس لديهم تغطية هؤلاء هم الأشخاص ذوو الدخل المرتفع للغاية الذين اختاروا الخروج من النظام او التغطية الوطنية.

الجدير بالذكر ان دفع تكاليف التامين الوطني (صندوق العلاج) يتم مناصفة بين الموظف وصاحب العمل %50 لكل منهما

السمة الثانية للنظام الألماني هي التنظيم بموجب القانون العام للجمعيات الإقليمية للأطباء وتتلقى هذه الجمعيات الـ 19 الأموال من صناديق العلاج وتعوض أطباء الرعاية الإسعافية او الطارئة وتراقب حجم الخدمات وقيمتها وتراقب الوصفات الطبية والإحالات؛ وبالتالي، لديهم دور مهم في احتواء التكلفة.

 

ميزه تحولت لكارثه ثُم لنقله نوعية

لدى المرضى في ألمانيا حريه اختيار الطبيب حتى وقت قريب فعندما كان المرضى يزورون الطبيب يقدموا قسيمة علاج للطبيب لتقديم الخدمة الصحية وفي حال حاجة المريض لطبيب اخر او تخصص اخر يتم احالتهم يتم احالتهم من طبيب عام الى اخصائي وهذا النمط خلق توجيه الرعاية بشكل صحيح لكل تخصص بعد ذلك بدأت ألمانيا في إصدار بطاقات ذكية لجميع مواطنيها لتحل محل قسيمة العلاج التقليدية. أتاح إدخال هذه البطاقات الذكية (التي تم التخطيط لها في الأصل لتبسيط الأعمال الورقية) للمرضى لزيارة أكبر عدد ممكن من الأطباء بما في ذلك المتخصصين دون إحالة مما مكن المرضى لزيارة أخصائيين مختلفين لنفس المشكلة ؛ وقد أدى هذا التغيير إلى ازدواجية الاختبارات وأدى إلى خسارة هائلة في الموارد نتيجة لذلك تم النظر  لإدخال “البطاقة الوطنية” تجمع هذه البطاقة بين رقاقة وذاكرة ضوئية. بفضل سعة الذاكرة العالية كانت البطاقة مثالية لجمع جميع البيانات الطبية ذات الصلة بالمريض لتكون البطاقة مفيدة لكل من المريض والطبيب مما أدى إلى رعاية أفضل للمرضى لأن التاريخ الكامل للمريض ونتائج الاختبارات التي أجراها الأطباء الاخرون متاحة على الفور للطبيب المعالج وكذلك استخدام هذه البطاقة خفض التكلفة بسبب تجنب تكرار الاختبارات وخطط العلاج ستمثل هذه البطاقة “أرشيفًا شخصيًا”.

خُلاصة

لا يوجد مقياس موثوق ومقبول على نطاق واسع لتقييم أداء نظام الرعاية الصحية في أي بلد بشكل عام  حققت ألمانيا الأهداف الأربعة التي يجب أن يسعى أي نظام رعاية صحية من أجلها: (1) الوصول الشامل ، (2) رعاية عالية الجودة ، (3) قدرة المرضى على اختيار أطبائهم  و (4) التكلفة المقبولة اجتماعيًا تشمل التدابير التي يمكن استخدامها لتقييم أداء أنظمة الرعاية الصحية (1) نفقات الرعاية الصحية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي و (2) معدلات وفيات الرضع والأمهات ومتوسط ​​العمر المتوقع للسكان الأمل هو أن يكون النظام الألماني قادرًا على الحفاظ على مبدأ التضامن وأن يظل نظامًا للرعاية الصحية من مستوى واحد بدلاً من السماح بأن يُنظر إلى الرعاية الصحية على أنها سلعة استهلاكية ليُسمح بالتوافر والجودة باختلاف دخل الأسرة  كوسيلة لتحقيق هذا الهدف ، سيتم زيادة استقلالية صناديق العلاج او التامين الصحي الوطني الالزامي.

 

 

بقلم/ أ. بسام الجسار