تقرير الجودة الصحية_إعداد: مبارك حمدان

 

أصبح الضّجيج السّمة الرئيسة التي تتّصف بها المدن, وخاصّة الصناعية منها. تلك الضوضاء التي تنبعث من كل حدب وصوب, مسببة أضراراً باتت تعتبر أكثر أذية من أشكال التلوث الأخرى, حيث صار هذا الخليط المزعج من الأصوات المتنوعة ـ وهو ما يعرف بالتلوث السمعي ـ يحتل مرتبة متقدمة بين أشكال التلوث الأخرى من حيث الأضرار على صحة البشر.‏ 

 

ما هي الضوضاء؟‏

تعرف الضوضاء بالأصوات التي ينفر منها الإنسان ولا يرتاح لسماعها, وهي غالباً أصوات حادة غير منتظمة ولا معنى لها، فضلاً عن أنها ذات تردّد عالٍ وتۆدي إلى اهتزاز طبلة الأذن بشدة.

وتقاس الضوضاء بطرق فيزيائية يُعبّر عنها بالديسيبل أو الفون، فمثلاً يُقدّر كلام الفرد العادي من 50 إلى 60 ديسيبل، والضوضاء الناجمة عن بوق سيارة تساوي 100 ديسيبل.‏

 

ولا شك بأن الضوضاء هي إحدى أسباب التوتر النفسي والقلق في المجتمعات  خاصة بعد انتشار الراديو والتلفيزيون ومكبرات الصوت ووسائط النقل وغيرها من وسائل الضجة .

لكن الضوضاء  لم تعد مشكلة نفسية فقط، بل أصبحت مشكلة جسمانية فهي تؤثر على أعضاء السمع وعلى أعضاء الجسم كافة.

 

مصادر الضوضاء :

  • الضوضاء الطبيعية :-

وهي عوامل ليس للإنسان علاقة بها كأصوات الرعد وأمواج البحر العالية والانفجارات البركانية والزلازل .

  • ذات النشاط الإنساني :-

كوسائل النقل: كأصوات السيارات وما ينتج عن حركتها بسرعة عالية وأصوات الطائرات أثناء إقلاعها أو هبوطها .

  •  ضوضاء ناتجة عن المصانع

 

ولكن ما هي أضرار و تأثير هذه الضوضاء على صحة الإنسان ؟

الضوضاء لها عدة تأثيرات على الإنسان ومنها :

  • الأثر الجسدي ويتضمن : 

1-  الأثر السمع:

يتأثر غشاء طبلة الأذن بالأصوات العالية والحادة وقد يتمزق، بينما تعاني الأذن الوسطى من آلام مؤقتة أو مستمرة نتيجة التعرض الطويل للضجيج .

ويؤدي التعرض الطويل للضوضاء والمتكرر إلى زيادة الضرر اللاحق بالدماغ والأذن والجهاز العصبي ككل، فتذبل الشعيرات المجهرية مع مرور الزمن وتتلاشى حركة الأهداب السمعية الداخلية فيخفض مستوى السمع، وقد يصاب المرء بالصمم الذي لا علاج له نتيجة التعرض المستمر والطويل للضجيج ، وهو ما يدعى طبياً ( فقدان السمع العصبي المنشأ) والذي لا ترافقه أية أعراض فسيولوجية ظاهرية .

ويرجع طنين الأذن إلى نقص في السمع نتيجة للضوضاء وكان المتقدمون في السن هم الذين يعانون منه عادة ولكنة بدأ الآن يصيب أعداد متزايدة من الشبان.

والجدير بالذكر أن تأثير الضوضاء يختلف من إنسان إلى آخر حسب اختلاف العمر والجنس والفترة الزمنية للتعرض وشدة الصوت والظروف السائدة في المنطقة والحالة النفسية والصحبة وطبيعة العمل .

ولكن ما نستطيع استخلاصه هو أن الضوضاء بأصواتها العالية الضخمة التي نعيشها في عالمنا المعاصر تُعد تلوثاً خطراً يهدد الجهاز السمعي حين يتعرض لها الإنسان بصورة متكررة أو لأوقات.

 

2- الأثر على النظر:

لا يقتصر أثر التلوث الضوضائي على حاسة السمع بل يتعداها إلى حاسة البصر حيث تتلف الموجات الصوتية النظر وخاصة الرؤية في الليل وسرعة التمييز بين الألوان.

 

3- الأثر على الجهاز العصبي :

يرى أحد الباحثين أن التلوث الضوضائي يؤثر على الجهاز العصبي للإنسان وذلك من خلال اندفاع الموجات الصوتية باتجاه الجهاز العصبي على صورة إشارات كهربائية وتعبر هذه الإشارات العصبية حتى تصل إلى لحاء المخ وتؤدي إلى تهيج في الجهاز العصبي اللاإرادي الذي يؤثر بدوره على الكثير من أعضاء الجسم كالقلب الذي يسرع في دقاته والجهاز الهضمي الذي تتقلص بعض عضلاته حيث تزيد إفرازات الغدد الصماء وبالتالي تؤثر في أعضاء الجسم المختلفة .

 

4- الأثر على الدورة الدموية :

أثبتت الدراسات العلمية المعاصرة أن التعرض للضوضاء لفترات طويلة تؤدي إلى حدوث انقباض في الأوعية الدموية وارتفاع في ضغط الدم عن طريق إثارة مركز انقباض الأوعية الدموية في المخ ولعل هذه هو أحد العوامل المؤدية إلى زيادة نسبة مرض ضغط الدم بين سكان المجتمعات الصناعية عنه بين سكان المجتمعات الريفية والبدائية.

 

وهناك دراسات حول الضوضاء وتأثيرها على صحة الإنسان تقول :

  1.  أن صحة الإنسان تتناقص بمعدل من 8 إلى 10 سنوات في المدن الكبيرة بالمقارنة مع سكان الأرياف بسبب التلوث الضوضائي.
  2. ضغط الدم عند أطفال المدارس الواقعة بالقرب من مطار لوس أنجلوس أعلى من أطفال المدارس البعيدة عن المطار و سرعتهم في حل المسائل الرياضية اقل.
  3.  16 مليون عامل في الولايات المتحدة يشكون من أضرار الضوضاء في المصانع التي يعملون بها.
  4. ارتفاع نسبة أمراض القلب والجهاز الهضمي والتوتر العصبي بسبب تداخل مجموعة من الأصوات العالية الحادة والغير مرغوبة.

 

كيف نتحكم في هذه الضوضاء و نقلل من تأثيرها على صحتنا ؟

إن التحكم في الضوضاء الذي أصبح أحد معضلات الحياة العصرية التي تهدد صحة الإنسان وراحته ، يتطلب العديد من الإجراءات:

  1. نشر الوعي عن طريق وسائل الإعلام المختلفة عن الضوضاء وأخطارها على الصحة العامة وخاصة صحة الأطفال ونموهم الجسمي والفكري.
  2.  يجب أن تكون المدارس والمستشفيات بعيدة عن مصادر الضوضاء وخاصة الطرق العامة المزدحمة بالسيارات ، كما يجب إحاطتها بحزام من الأشجار وبشكل كاف ذلك إن الأشجار تلعب دور مشتت للأصوات .
  3. إبعاد المطارات عن المدن والمناطق الآهلة بالسكان مسافة لا تقل عن 25 / 30 كم ومراعاة عدم مرور الطائرات فوق المدن والمناطق الآهلة بالسكان.
  4. إصدار التشريعات اللازمة وتطبيقها وبشكل حازم لمنع استعمال منبهات السيارات ومراقبة محركاتها وإيقاف تلك المصدرة للأصوات المزعجة ومنع سير الدراجات النارية التي لا تحتوي كاتماً للصوت، والعمل على عدم مرور الشاحنات الكبيرة داخل المدينة وإنشاء طرق خاصة لها خارج المدينة.

 

لذلك يجب إتباع تلك الإرشادات لنتحكم في الضوضاء والوقاية والمنع من تأثيرها على صحة الإنسان و أيضا على صحة البيئة.

 

المصادر: