تقرير الجودة الصحية_إعداد: عبدالرحمن حمد المزروع

 

تتميز المرافق الطبية عن المنشآت والمنظمات الأخرى بأنها تعنى بسلامة المجتمع صحيا من خلال ما تقدمه للأفراد من خدمات علاجية ووقائية، وتأثير مخرجاتها يمس المجتمع كاملا، فلا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم في مختلف المجالات وهو يعاني من المشاكل الصحية، لذا عنيت الدولة وفقها الله بالقطاع الصحي الحكومي والخاص على السواء، فذللت الصعوبات التي تواجه المستثمرين في القطاع الخاص، وقدمت لهم الحوافز والتسهيلات، وبذلت الميزانيات الضخمة للقطاع الحكومي، فقد خصصت للخدمات الصحية في العام المالي الحالي 2017م مبلغ (120.419.691ريال)، وهو ما يقارب 13.5% من ميزانية الدولة ككل، وبالرغم من ذلك، تواجه المرافق الطبية (كغيرها) عدة عوامل من التحديات والمعوقات، كل عامل منها يستحق التوسع في طرحه مناقشته، وإفراده في تقرير منفصل، لكن تلافيا للإطالة، نشير بإيجاز في هذا التقرير إلى البعض منها وآثارها، والتوصيات التي نأمل بإذن الله أن تساعد على تجاوزها وعلى الارتقاء بالمرافق الطبية وخدماتها ومخرجاتها.

 

 

تحديات ومعوقات تواجه المرافق الطبية:

– تعاني بعض المرافق الطبية خصوصا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من النقص في أعداد الكوادر الطبية وأطباء التخصصات النادرة مقابل العدد الكبير للمرضى والمراجعين، مما يتسبب بالضغط الشديد على المرفق الطبي، وتأخر المواعيد، وطول إنتظار المريض، وقد يحصل لا قدر الله بعض الأخطاء الطبية جراء ذلك، فضلا على عدم القدرة على تقديم الخدمة الطبية المطلوبة للمستفيد.

– تواضع إمكانيات بعض المرافق الطبية، وعدم وجود بعض الأجهزة أو اللقاحات واللوازم الطبية الضرورية، مما ينتج عنه عدم القدرة على خدمة المريض الذي قد يضطر إلى إعادة الكشف وإجراءات الفحص مرة أخرى في مرفق طبي آخر.

– عدم التوزيع الجغرافي الملائم للمرافق الطبية، فقد تتكدس عدة مرافق طبية في منطقة وتخلو منها أخرى، مسببة ضغطا شديدا على مرفق وخلو آخر.

– عدم وجود التنسيق بين المرافق الطبية المختلفة، مما يتيح للمريض أن يراجع أكثر من مرفق ولنفس الشكوى في فترة وجيزة، مسببا بذلك حرمان أو تأخير مريض آخر من مراجعة أحد هذه المرافق والحصول على الخدمة الطبية.

– تفرغ بعض أفراد الكادر الطبي للإدارة وعدم ممارسة المهام الطبية، مما يؤدي إلى الضغط الشديد على الكادر الطبي الممارس ويسبب لهم الشعور بعدم العدالة، حيث يلتزم الممارس بالمهام الطبية كالكشف على المرضى وزيارة المنومين والمناوبات وغير ذلك بينما زميله الطبي غير الممارس لا يكون مكلف بها.

– بيئة العمل غير المناسبة في بعض المرافق الطبية، كعدم إتاحة فرص التدريب والتطوير للمنسوبين، وكذلك عدم وجود الأماكن المناسبة للإنتظار للمرضى والمراجعين وعدم وجود التنظيم مما يتسبب بالضجيج والفوضى في المرفق ويجعله بيئة عمل طاردة للإنتاج والإبداع.

– عدم إستخدام التقنية الحديثة في التواصل والتعامل مع الجهات ذات العلاقة وفي التعاملات الداخلية للمرفق علاوة على الروتين الممل وغير الضروري في بعض الإجراءات، والتي تناسب مع بعض الأعمال الإدارية الأخرى ولكنها غير ملائمة للحالات الطبية والإسعافية، مما يزيد من معاناة المرضى وذويهم أثناء زيارة المرفق الطبي، وزيادة الأعباء على منسوبي المرفق.

– قلة الوعي لدى بعض المرضى والمراجعين، ومحاولة البعض منهم تجاوز النظام، والإعتقاد بأن بعض الإجراءات الطبية والإدارية ليست سوى تعقيد لا يجب التقيد بها.

 

 

ولتلافي الآثار السلبية لمثل هذه المعوقات، نطرح بإيجاز المقترحات التالية:

– دعم المرافق الطبية بالإمكانيات المادية والكوادر الطبية اللازمة، والتركيز على مراكز الرعاية الأولية للحد من الزيارات غير الضرورية للمرافق الطبية المتقدمة، وتبلغ أعداد المراكز الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة 2.282 مركزا حسب آخر إحصائية للوزارة، ومعدل الأطباء في هذه المراكز 3.1 طبيبا وطبيبة لكل 10.000 من السكان.

– توزيع المرافق الطبية جغرافيا بعد دراسة الإحتياجات السكانية في المناطق وكثافتها، وزيادة أعداد الكوادر الطبية خصوصا التخصصات النادرة مع مراعاة الزيادة في الأعداد حسب الحاجة الفعلية للمرفق الطبي والمنطقة الجغرافية، وذلك لتلافي الآثار السلبية، وحسب الدليل الإحصائي الأخير لوزارة الصحة فإن المعدل العام للأطباء 27.5 طبيبا وطبيبة لكل 10.000من السكان، وتسعى المملكة لزيادة العدد حيث أنه حاليا قريب من الحد الأدنى، حيث تعتبر منظمة الصحة العالمية أن الدول التي لديها أقل من 23 طبيباً وطبيبة مقابل كل 10.000 من السكان لن تتمكن على الأرجح من تحقيق معدلات التغطية الوافية بالخدمات الرئيسة للرعاية الصحية.

– تهيئة المرفق الطبي لإجراء عمليات اليوم الواحد، ودعمه بالإمكانيات اللازمة، وذلك لإتاحة الفرصة لتقديم الخدمة الطبية لأكبر عدد من المراضى وتلافيا لطول إنتظار الموعد ومراعاة لموارد المرفق.

– التوسع في برنامج الطب المنزلي والزيارات الصحية المنزلية، لإتاحة المجال لمن يحتاج للخدمة الطبية الضرورية في المرفق الطبي، وقد قامت وزراة الصحة مشكورة في العام الماضي 2016م بزيادة عدد المستشفيات التي تقدم خدمة الطب المنزلي إلى (10) مستشفيات، وتم تقديم الخدمة لعدد (29619) مريضا عبر تنفيذ (313837)  زيارة بواسطة (353) فريقا طبيا.

– التنسيق الفعّال بين جميع المرافق الطبية المختلفة سواء الحكومية أو الخاصة، ليس في قبول المرضى للتنويم فقط، بل يشمل الخدمات الطبية الأخرى من أشعة وإستشارات وغيرها، ومع وجود ذلك حاليا بشكل متواضع، إلا أنه في حال الإرتقاء بهذا التنسيق سوف يتم تلافي مشكلة السرير الشاغر والقصور في الخدمات الطبية الآخرى كالأشعة المتقدمة والتحاليل الدقيقة، ولن يضطر المريض إلى بدء الإجراءات والكشوفات الطبية وتكرار البعض منها مرة أخرى عند مرفق طبي آخر، وحسب آخر دليل إحصائي لوزارة الصحة، فإن ما نسبته 59.5 % فقط من الأسرة في المملكة تابعة لوزارة الصحة، والبقية متوفرة في القطاعات الحكومية الأخرى والقطاع الخاص، وعند التكامل بين مختلف هذه القطاعات سيتم تلافي الكثير من السلبيات الموجودة حاليا.

– الربط الإلكتروني بين كافة المرافق الطبية وتوحيد ملف المريض، عليه سوف يتم الإستغناء عن العديد من الإجراءات الطبية المتكررة لمن يزور أكثر من مرفق طبي، ومن خلال ذلك ستكون المعلومات الطبية للمريض متاحة لكافة هذه المرافق، كما سيتم إتاحة المجال لمريض آخر ، فضلا على تجنب الهدر في موارد المرافق الطبية والعبء المالي على المريض وذويه.

– التوسع في التعاملات الإلكترونية وربط المرافق الطبية بالقطاعات الأخرى ذات العلاقة سواء الحكومية أو الخاصة، وإتاحة حجز المواعيد وتأجيلها إلكترونيا، وهذا ما سينتج عنه تسهيل الإجراءات على المريض وأيضا على المرفق الطبي ومنسوبيه.

– إقتصار الوظائف الإدارية للإداريين فقط والإستفادة من الكوادر الطبية من أطباء وغيرهم في مجالهم الطبي والعمل في تخصصاتهم، فعلاوة على سعي المملكة على زيادة عدد الأطباء والتخصصات الطبية الأخرى إلا أنه لم يتم الإستفادة من كثير من الكوادر الطبية التي تمارس وظائف ومهام إدارية في القطاعات الصحية.

– الأخذ في الإعتبار خصوصية المرافق الطبية والسعي لجعلها بيئة مناسبة لمنسوبيها وللمستفيدين والسعي لتذليل العقبات وتسهيل الإجراءات الإدارية فيها، مراعاة لضروف المرضى وذويهم وحفاظا على أوقاتهم وأوقات منسوبي المرفق الطبي.

– توعية المرضى والمراجعين بأهمية الإلتزام بالإجراءات الصحية السلمية وبالتعليمات الطبية، وإستخدام الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي للتعزيز الوعي الصحي في المجتمع، وكما قيل: الوقاية خير من العلاج ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.

 

 

 

المصادر: