بقلم / د محمد عبدالله الخازم 

الصادره من صحيفة الجزيره

مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

 

 

 

صدرت مؤخرًا دراسة تركز على الصعوبات المالية التي تعترض المواطنين للحصول على الخدمات الصحية.* والمقلق فيها وصولها إلى نتيجة مفادها أن 11 في المائة من الناس في المملكة يضطرون للاستدانة بغرض الحصول على الخدمة الصحية. نتحدث هنا عن الاستدانة، ولم تذكر الدراسة نسبة من يتعالجون على حسابهم الخاص وهم حتمًا أكثر من ذلك الرقم بكثير، باعتبار المستدين هو من لا يتوافر لديه المال. هذه النسبة عالية جدًا عند مقارنتها بالدول المتقدمة صحيًا، عكس الافتراض بأن الصحة متوافرة مجانًا وبشكل مرضٍ للجميع!

الدراسة اعتمدت على بيانات البنك الدولي العالمية والمعروفة بـ Findex التي أجريت في عام 2014م. وهي بيانات تعتمد على استبيانات تلفونية لشريحة ممثلة للسكان، لا تقل عن ألف مواطن. طبعًا أسلوب الاستبيانات هذا لا يصل للطبقات الأفقر والعمال وسكان البادية!

يتجه العالم إلى ما يعرف بالنظام الصحي الشامل الذي يوفر الخدمات الصحية لكافة السكان، بشكل عادل ومتساوٍ في الجودة في جميع مناطقهم بالدولة، وهو النظام الذي أشارت إليه منظمة الصحة العالمية بأنه النظام الأقوى والأمثل في ضمان الخدمات الصحية لكافة السكان. للأسف نظام التأمين الصحي التجاري لا يضمن ذلك، لذلك هناك نقد كبير للنظام الصحي الأمريكي باعتباره نظامًا لا يضمن توفير الخدمات الصحية لكافة السكان بشكل عادل، مقارنة بالنظام الصحي الكندي على سبيل المثال.

يبدو أن لدينا توجهات نحو الخصخصة والتأمين الصحي وبالتالي هناك قلق كبير من اتساع رقعة المشكلة الحالية التي تحتاج مزيدًا من الدراسات العلمية، إلا وهي عدم توافر الخدمات الصحية بشكل عادل في كافة المناطق. نظام التأمين الحالي المطبق تجاريًا على بعض الفئات كالأجانب، يعد متواضعًا في قيمته ولا يشمل سوى الأمراض الاعتيادية وليس المزمنة أو الأكثر تعقيدًا وتخصصية، وسيكون مقلقًا تتطبيقه على الجميع دون تطوير ملموس. القطاع الصحي الخاص في المملكة لا يوفر الخدمات الصحية للأمراض المعقدة والمزمنة بشكل كافٍ، وإنما هو عبارة عن خدمات صحية عامة أو أولية في أغلبه. وتزداد فجوته وتواضعه خارج المدن الرئيسة الكبرى. وهذا قلق آخر في التوجه نحو التخصيص.

في دول العالم المتقدمة صحيًا؛ الهدف الرئيس هو جودة الخدمات الصحية وشموليتها وعدالة توزيعها، ونحن لم نضع هذا الهدف بشكل واضح ضمن رؤيتنا الجديدة ويغيب عن نقاشاتنا بشكل ملحوظ. تركيزنا أصبح نحو تقليص مساهمة الدول في الإنفاق على الخدمات الصحية، بالرغم من أننا ضمن أدنى 40 دولة في الصرف على الخدمات الصحية وفق بيانات البنك الدولي. الصحة مسؤولية الدولة تجاه رعاياها كما كفلها النظام الأساسي السعودي، لذا يجب أن يكون الهدف الرئيس لرؤيتنا الصحية؛ شمولية وجودة وعدالة توزيع الخدمات الصحية.