خريجو برامج الإدارة الصحية والبطالة
بقلم / عبد العزيز ابو هبشه
مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار
كان الهدف ساميا والنوايا سليمة حين تم افتتاح أقسام الإدارة الصحية بالجامعات السعودية وتم تشجيع حديثي التخرج والراغبين في إتمام درجة البكالوريوس على الالتحاق بالبرامج الأكاديمية في هذا المجال. كان الهدف الأساسي هو تأهيل الكفاءات الوطنية لردم الفجوة بين الممارس الصحي الذي يفتقر للخلفية الإدارية وبين الإداري البحت الذي يفتقر للخلفية الصحية، بحيث تقوم هذه الأقسام بتسليح الدارسين بالعلم والمعرفة اللازمة لفهم ديناميكية واقع المنظومة الصحية وتحليل الوضع الراهن للوقوف على نقاط القوة وتدعيمها وتحديد نقاط الضعف ووضع البرامج للتغلب عليها، وتحديد التهديد للتخطيط للتعامل معها وفق المعطيات والمتغيرات وتحديد الفرص للاستفادة منها لتطير الخدمة الصحية المقدمة لرفع جودتها.
ولكن الهدف السامي والنية الطيبة ليسا كافيين لتحقيق النتائج المرجوة إن غابت الخطط التي تضع هذه الأهداف حيز التنفيذ والاستفادة من مخرجات هذه الأقسام. إذ تضج الصحف كل عام بمناشدات خريجي برامج الإدارة الصحية الذين تُغتال فرحتهم بالتخرج حين تستقبلهم البطالة بأنيابها لتنهش طموحهم وتلقي بآمالهم عرض الحائط. الغريب أن بطالة خريجي برامج الإدارة الصحية يتوازى معها إيكال المهام الإدارية بالمنشآت الصحية على اختلاف درجاتها إلى الممارسين الصحيين الفنيين على اختلاف فئاتهم، مما أدى إلى نشوء عجز في الكادر الصحي بسبب تسرب الكادر الصحي من ممارسة العمل الفني إلى العمل الإداري، يحدث ذلك مع وجود المؤهلين من المتخصصين. الأشد والأنكى من هذا وذاك تكليف بعض غير السعوديين بالمنشآت الصحية بالأعمال الإدارية ومع مخالفة ذلك نظاميا إلا أنه يفتح باب التساؤل عن جدوى استمرار التعاقد مع غير السعوديين ماداموا يمارسون نشاطًا يختلف عن التخصص الأساسي الذي تم التعاقد عليه، ومن المعلوم أن التعاقد مع غير السعوديين يكون لسد العجز لحين توفر السعودي المؤهل ومتى توفر فإن الحاجة تنتفي وينبغي إنفاذ الأنظمة التي تُلزم بضرورة إحلال السعودي المؤهل مكان غير السعودي. في ذات السياق فإن تكليف غير السعوديين من الكادر الصحي الفني بأعمال إدارية يثير الحيرة فهم يفتقدون لفهم منظومة السياسة الصحية في المملكة العربية السعودية كما يفتقدون للخلفية الإدارية ولا يملكون الحد الأدنى من الإلمام بالأنظمة والتشريعات السعودية حتى صدق فيهم المثل الشعبي “يتعلمون الحلاقة في رؤوس اليتامى”، وأخيرا الأعمال الإدارية ليست الهدف الذي اُستقطبوا لأجله. وقبل هذا كله يبقى ابن الوطن المؤهل أولى بشغل هذه الوظاف خاصة أن خفض معدلات البطالة أحد ضمانات الأمن الوطني ولعل الوقت الآن مناسب بالتزامن مع إعادة هيكلة المنظومة الصحية لمراجعة آليات التخطيط لرأس المال البشري في الصحة ووضع الخطط والحلول الهادفة إلى إحلال الكفاءات السعودية مكان الأجنبية كلا حسب تخصصه.