من يحاسب الطبيب المتسيب !
التحديات الاقتصادية والإدارية التي تواجه قطاعاتنا الخدمية لها أيضا وجهها المشرق، فهي محفز لظهور بعض المبادرات والبرامج التي تتسم بالذكاء، ومؤشر على رغبة المسؤولين الجادة بتقديم الأفضل.
من هذه المبادرات الذكية برنامج (أداء الصحة) التابع لوزارة الصحة الذي يهدف لرفع مستويات الإنتاجية وكفاءة الأداء في تقديم الخدمات الصحية بالمستشفيات .. وهذا ما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للتحول الوطني 2020 ويشمل من خلال تطبيق ما يزيد على 40 مؤشراً لقياس الأداء.
وما دمنا في شأن الارتقاء بالخدمات الصحية أناشد وزير الصحة بإعادة النظر في السلبيات الكثيرة لتولي الأطباء مناصب إدارية لم يؤهلوا لها وبالتالي نخسر طبيبا مؤهلا في علاج المرضى دون أن نكسب طبيبا متميزا بالإدارة، هذا عدا ما يترتب على ذلك من هدر مالي بصرف مزايا مالية لأطباء لا يمارسون عملهم الطبي!
إن الممارسات السلبية كما نعلم عديدة، لكنني سأذكر أهمها والتي تحدث جهاراً نهاراً من قبل بعض كبار الاستشاريين في الكثير من المستشفيات الحكومية الكبرى، والدافع هو التحيز بين زملاء المهنة ما أدى إلى التسيب الطبي وضعف الإنتاجية وبالتالي ارتفاع عدد المرضى على قوائم الانتظار في غالبية التخصصات الصحية، فبعض الأطباء الإستشاريين يعملون ما بين 2 إلى 3 عيادات فقط في الأسبوع مدة كل عيادة 3 – 4 ساعات لا أكثر!؟ ناهيك تركهم للأطباء المقيمين مهمة متابعة مرضاهم المنومين في بقية الأيام وهو ما يخل بضرورة وجودهم بجانب مرضاهم المعرضين للمضاعفات الصحية، مكتفين بالتواصل عبر الهاتف لمتابعة المستجدات الصحية للمرضى، بل ان البعض لا يتورع عن العمل خلال أوقات الدوام الرسمية في عيادات القطاع الخاص دون خشية أو حتى حياء.
وعليه اقترح إعادة النظر في ضوابط عمل الأطباء ومتابعة إنتاجيتهم أسوة بالإداريين بدءاً بإلزام جميع الأطباء بالعمل ما لا يقل عن 8 عيادات في الأسبوع وبنصاب محدد لعدد المرضى في كل عيادة، مع متابعة الطبيب لمرضاه المنومين بشكل مباشر أسوة بما هو معمول به في كبرى مستشفيات القطاع الخاص مما سيسهم في خفض عدد المدرجين في قوائم الانتظار ورفع مستوى متابعة المرضى المنومين والحد من المضاعفات الطبية لا سمح الله.
إن استمرار وزارة الصحة في شفافية تعاملها مع الرأي العام من خلال برامجها المعلنة مؤشر على سيرها بالطريق الصحيح، ومنهج كهذا سيؤدي إلى كشف المتقاعسين من الكادر الصحي وتعرية السلبيات الإدارية في المستشفيات التي لا تقدم خدمات الرعاية الصحية المتميزة.