وظائف التخصصات الطبية والصحية
بقلم/ برجس حمود البرجس
مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار
وظائف وسعودة التخصصات الطبية والصحية تواجه تحديات وعوائق ويجب علينا مواجهتها وتخطيها، سوق العمل للمجال الصحي في القطاع الخاص بحاجة إلى تنظيم ليستوعب الخريجين والخريجات، بعد إعادة تأهيل بعضهم وتجهيزهم لسوق العمل.
المستشفيات الحكومية ستتحول للقطاع الخاص، إما بخصخصتها بالكامل أو بنماذج أخرى كالتشغيل الذاتي، وأي نوع من الخصخصة لن يولد وظائف جديدة، ولكن فرص التوطين كثيرة ويجب تطبيقها على القطاع الخاص من الآن.
يعمل بالقطاع الخاص حاليا 30 ألف طبيب وطبيبة، ونسبة السعودة فقط 3%، أما الممرضون والممرضات فعددهم في القطاع الخاص 43 ألفا، ونسبة السعودة فقط 5%، بالإضافة إلى 20 ألف صيدلاني وصيدلانية، ونسبة السعودة فقط 4%.
أهم التحديات التي تواجه هذه البطالة هي، أولا: عدم اجتياز رخص التأهيل المهني للأطباء لضعف مخرجات تعليمهم في التعليم الجامعي، وندرة المستشفيات التي يفترض أن تدرب هؤلاء الخريجين والخريجات.
ثاني التحديات هو تدني رواتب الأطباء في القطاع الخاص، وضعف برامج التدريب والتطوير والبحوث والدراسات في هذا القطاع، ولسان حال القطاع الخاص يقول «لماذا أتعب وأخاطر في الاستثمار في الكادر السعودي بما أنني قادر على استقدام أطباء مؤهلين وجاهزين وبرواتب قليلة من خارج المملكة».
ثالث التحديات هو أن القطاع الخاص لم ولن يستثمر في البحوث والتطوير والتي تنمي القطاع بالكامل وتحركه، ورابعا: القطاع الخاص لن يستثمر في التوسعة للمستشفيات، والسبب أنه بحاجة لضمان لإيرادات عالية لتغطي عيوب ضعف الكفاءة، ليضمن الأرباح الوفيرة.
وفي ظل هذه المعطيات، علينا مواجهة هذه التحديات التي هي في ازدياد ما لم نعمل على علاجها.
أولا: علينا تغيير أنظمة العمل وسوق العمل بحيث ترغم المستشفيات الخاصة على خطط توسعة ويحاسبون على عدم تنفيذها، ثانيا: يجب تغيير نسب السعودة ورفعها وتقسم حسب الأقسام، وتلتزم من خلالها المستشفيات بالمشاركة بإعادة تأهيل وتدريب الخريجين والخريجات للتخصصات الصحية والطبية، وبالتطوير المستمر للأطباء والممرضين وبقية التخصصات، ويشمل بعضها ابتعاثا للكوادر الطبية.
مع توجه الدولة لخصخصة المستشفيات والمدن الطبية، يبقى حاليا أفضل خيار هو تأسيس شركات حكومية طبية لتشغيل هذه المرافق مع برامج كبيرة للتوسعة والتطوير.
ربما أكبر خطر علينا هو أن نبني افتراضات بأن القطاع الخاص سيكون جاهزا لتشغيل القطاع الصحي ونصطدم بالواقع عند التنفيذ وبعده أيضا، حاليا القطاع الخاص ليس مؤهلا ليكون شريكا استراتيجيا يواكب تطلعات رؤية المملكة 2030، ولذلك يجب دخول شركات حكومية تكون محفزة لارتقاء القطاع الخاص وبنفس الدافع لخروج من لا يستطيع التطوير من المستشفيات الخاصة.
عند نضوج هذه الشركات الحكومية وإدراجها في سوق المال، تستطيع الدولة بيع حصصها تدريجيا بعد ضمان وتثبيت استراتيجيات تطوير القطاع والوظائف لهذه الشركات.
الوظائف في القطاع الصحي ترقى بدولها لمصاف الدول المتقدمة وهي المحرك المطور لهذا القطاع، فالوظائف تنمو مع أعمال القطاع وتنكمش مع خموله، وإذا ما نظرنا إلى طموحاتنا وأهدافنا، سنجد أن النموذج الذي نستهدفه مستقبلا هو الأقرب للنموذج الألماني.
نعلم أن سكان ألمانيا 80 مليون نسمة، أي أقل من ثلاثة أضعاف سكان السعودية، ولكن الذين يعملون لديهم في القطاع الطبي والصحي أكثر من 12 ضعف عدد العاملين بالسعودية (مواطنين ووافدين) في القطاع الطبي والصحي، والسؤال: ماذا يعملون؟
يعمل في ألمانيا 5.2 ملايين شخص في الخدمات الطبية والصحية، والتي مجموع إيراداتها سنويا 300 مليار يورو (تريليون و200 مليار ريال).
أما إيرادات صناعة الأدوية في ألمانيا فتصل إلى ما يعادل 677 مليار ريال، ويصدر منها 85% لخارج ألمانيا، ويعمل عليها 434 ألف شخص.
أما الصناعات الطبية المتقدمة في ألمانيا مثل أشعة إكس وألترا ساوند، فتبلغ الإيرادات من هذا القطاع ما يعادل مليار ريال سنويا، ويصدر منها 68% ويعمل عليها تقريبا نصف مليون شخص.
بذلك تكون إيرادات القطاع الصحي والطبي نحو تريليونين ونصف التريليون ريال.
المستشفيات الحالية لديها إيرادات عالية لأنها توسعت أقل من حاجة البلد لضمان أعلى عوائد على خدماتها، وليس لديها دوافع للتطوير ولا التوسع ولا توطين الوظائف، ولذلك يجب تحفيزها وتحريكها وإجبارها على مبادرات مثل القطاعات الحكومية، أو يجب عدم الاعتماد عليها.