بقلم/ د.محمد عبدالله الخازم 

الصادرة من صحيفة الجزيرة

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

 

أكمل الكتابة عن ممارسات الأطباء والمستشفيات مع شركات الأدوية، وقد أبنت في المقال السابق بأن بعضها سلبية لتجاوزها أخلاقيات الممارسة، بما تنطوي عليه من تعارض في المصالح. لا نستطيع استخدام مصطلح رشوة، فالأمر يحتاج خبره قانونية وفقهية. طبعاً، الأمر ينطبق على الممارسين الصحيين ونجده في القطاع الخاص الذي يشكل بوابة سهلة لوصول الشركات ومندوبيها للأطباء والممارسين. إن لم يتم اصطياد الطبيب في الحكومي يمكن ذلك في الخاص.

شكوى الممارس الصحي تكمن في مطالبته بمتابعة المستجدات في تخصصه وأحد السبل لذلك حضور المؤتمرات والدورات، كما أن اشتراطات التصنيف والتسجيل تتطلب المشاركة في عدد ساعات معينة من التعليم المستمر، أغلبه خارجي، وقد يكون مكلفاً محلياً أو خارجياً. المؤسسات الصحية ليس لديها بنود كافية لدعم التدريب، لذا تغض الطرف عن الممارسة. لذلك نقترح نظاماً يدعم التطوير المهني ويمنع التبرعات والدعم الفردي للممارس الصحي بتحويله إلى تبرع ودعم للمؤسسة وفق التالي:

أولاً: يفترض أن يكون ضمن الحقوق التعاقدية التوظيفية حضور المؤتمرات؛ مثلاً، مؤتمر سنوي للاستشاري ومؤتمر كل سنتين للأخصائي ومن في حكمهما. يمكن إضافتها ضمن ميزانيات التدريب أو بدلات الرواتب وفق شروطها…

ثانياً: ولتجنب التحايل البيروقراطي نقترح تحديد مبالغ مقطوعة كما تفعل بعض المستشفيات (20 ألفاً للمؤتمر في أوروبا وأمريكا و15 ألفاً في آسيا و10 آلاف في الدول العربية).

ثالثاً: الأهم، إيجاد صندوق للتطوير المهني في كل مؤسسة صحية، تكون موارده؛ (1) أرباح النشاطات التعليمية والتدريبية التي تقيمها المؤسسة. حالياً بعض الجهات تحيل تلك الإيرادات وغيرها إلى صندوق/ نادٍ اجتماعي، يفتقد الحوكمة وتتصرف فيه الإدارة. وبعضها تعيدها لوزارة المالية. (2) تبرعات شركات الأدوية والشركات المتعاملة مع المؤسسة الصحية وهي كثيرة. لا تبرع للفرد وإنما للمؤسسة. (3) تبرعات/ مساهمات الأفراد والشركات غير الصحية. (4) من خلال الميزانيات الرسمية للتدريب. و(5) غيرها من الموارد المقرة. يمكن تقدير الأقسام التي تسهم في زيادة إيراداته عن طريق أنشطة تعليمية بمنح الأولوية لأعضائها. مهم جداً حوكمة الصندوق عبر مجلس إدارة يمثل فيه الممارسون المستفيدون منه والمساهمون في إيراداته ليقرروا السياسات التفصيلية له بما في ذلك سياسات تنمية موارده بشكل مستمر، بما لا يتعارض مع أخلاقيات الممارسة ورسالة المؤسسة.

رابعاً: على الجهات المعنية بسلامة الممارسة الإدارية والمالية والصحية، وضع التشريعات المناسبة في هذا المجال ومن ثم يُجرم المخالف/ المخالفين، بالحصول على دعم فردي، عن طريق نزاهة والجهات الرقابية. لا قيمة للوعظ والاستنكار، دون قوانين تجرم الممارسات المخالفة لأخلاقيات المهنة. هكذا الطبيعة البشرية.

بالطبع، هذه الممارسات تحدث في أماكن ومهن أخرى بعضها يفترض فيها أن تكون المشرعة والمراقبة، لذا أشير إلى أن الأمر يقاس عليه في جميع المهن وجميع المؤسسات. نحتاج تنقية ممارساتنا من الشبهات والاحتمالات التي صفتها تعارض المصالح وتقود للإخلال بأخلاقيات الممارسة المهنية والإدارية والبحثية والتعليمية وغيرها. نحتاج تطوير أدلة الممارسات الأخلاقية في جميع القطاعات والمجالات…