بقلم/ أحمد محمد الالمعي

الصادرة من صحيفة مكة

مجلة الجودة الصحية _ دينا المحضار 

 

 

ربما يستطيع العاملون في القطاع الصحي الآن تنفس الصعداء نوعا ما بعد الأخبار السارة بخصوص لقاح كورونا، وسيل الأبحاث والدراسات العلمية ملقية الضوء على نواح عديدة تتعلق بالفيروس. كشفت دراسة فرنسية حديثة عن أماكن انتشار فيروس كورونا المستجد داخل المستشفيات.

وبرغم ذلك، ما زال هناك عبء على العاملين في المستشفيات خاصة في أوروبا بسبب ارتفاع أعداد مرضى كوفيد-19، ومعه تزداد المخاوف من انتشار العدوى بين الأطقم الطبية. وهو قلق يمنع المرضى أيضا من الذهاب إلى المستشفيات لتلقي العلاج. وبفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة والخطط المدروسة، فإن التحكم في انتشار الحالات في المملكة مثال يحتذى به بين دول العالم.

دراسة حديثة لعلماء فرنسيين نشرت في مجلة «جاما نيتورك أوبن»، تفيد بأن عينات الهواء داخل وحدات العناية المركزة والممرات والمراحيض قد تكون ملوثة، ولكن، في أغلب الوقت، ليست بجزيئات منبثقة عن الفيروس التاجي.

وقام الصيدلي غابرييل بيرغاند وفريقه في مستشفى جامعة نانت، بتقييم 24 دراسة، من بينها عشرة في الصين وواحدة من بريطانيا وواحدة من إيطاليا. واعتمدت الدراسة على ما معدله 24 عينة هواء من أماكن مختلفة في المستشفيات.

توصلت هذه الدراسة إلى نتيجة مفادها بأن نحو 17.4% من هذه العينات فقط كانت ملوثة بفيروس كورونا، بينما بلغ المعدل في وحدات العناية المركزة 25%، مقارنة مع الأجنحة الأخرى التي وصلت إلى أقل من 11%. وجاءت أعلى نسبة من العينات الملوثة في الممرات التي يسهل للأفراد الوصول إليها، وذلك بنحو 56%.

وبشكل عام أظهرت الاختبارات أن 33.3% في الأماكن المختلفة في المستشفيات ملوثة بآثار الفيروس. المراحيض والحمامات أصبحت ضمن المواقع الخطرة الإضافية أيضا، بعد أن أظهرت الدراسة ذاتها تلوث نحو 24% منها، بينما يشك الباحثون أن السبب يعود إلى صغر حجم هذه المرافق وضيقها. وقد أظهرت دراسات سابقة أن براز مرضى فيروس كورونا احتوى على آثار الفيروس، ولهذا فإن شطف المرحاض قد يساعد على نشر الفيروس في الهواء. ولذلك تبرز أهمية لبس الكمامة والتعقيم بالإضافة للتباعد الاجتماعي في المستشفيات واتخاذ وسائل الحرص الأخرى حسب الحاجة.

وتشير البيانات المنشورة إلى أن 12% من العينات في غرف الموظفين كانت ملوثة، مقارنة بغرف الاجتماعات التي وصلت إلى 19%، وهذا يعني أن هناك احتمالية لانتقال الفيروس بين الموظفين خلال فترات الاستراحة، لأنهم عادة ما يزيلون الكمامات في هذه الغرف. وكانت بيترا غاستماير، مدير قسم النظافة وطب البيئة في مستشفى شارتييه الجامعي في العاصمة برلين، قد أكدت في شهر نوفمبر المنصرم، نقل العدوى بين العاملين في المستشفيات ولكن هذه النتائج قد تكون محل جدل.

وما زالت كثير من العواصم الأوروبية مثل لندن تعاني من وضع كارثي بسبب فيروي كوفيد 19 المتحول. وما زالت أصابع الاتهام تتجه إلى مدينة ووهان الصينية، وممارسات وأسلوب الطعام غير العادي للشعب الصيني واستهلاك أنواع غير عادية من الحيوانات لتحضير الوجبات، قد تكون مسؤولة عن انتقال العدوى من هذه الحيوانات لبني البشر رغم كثير من نظريات المؤامرة حول هذا الموضوع.

مستشفيات أوروبا تستعد لموجة ثانية وثالثة من فيروس كورونا، وقد تغير الكثير منذ وصول أول مرضى فيروس كورونا إلى المستشفيات الألمانية. انتهت الصدمة الأولية، لكن عدد الحالات آخذ في الارتفاع مرة أخرى. هل المستشفيات جاهزة لزيادة عدد المرضى؟وماذا تعلموا من التفشي الأول؟

كيف تعاملت مستشفيات المملكة مع جائحة الكورونا؟

لم يكن تعامل المملكة مع الجائحة عاديا كبقية الدول الأخرى، فقد كان مميزا منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها الفيروس.

كان القطاع الصحي وإدارات الدولة المختصة – بتوجيه من حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين – على مستوى المسؤولية، حيث قامت أجهزة الدولة المعنية كمنظومة متكاملة، بتنفيذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بالتخفيف من خطر فيروس كورونا منذ اللحظات الأولى لإعلانه جائحة عالمية، وذلك في دلالة واضحة على استشعار المسؤولية والاهتمام بالإنسان – مواطنا ومقيما- وجعله على رأس الأولويات.

ومن أمثلة هذه الإجراءات ما اتخذته مستشفيات وزارة الصحة وغيرها. وقد أنشأ مركز أرامكو جون هوبكنز الطبي بالظهران مركز استقبال مكالمات واستشارات متخصص بكل ما يتعلق بفيروس كورونا المستجد في بداية الجائحة العام الماضي، وكان لي شرف التطوع ضمن فريق الأطباء العاملين بالمركز المخصص لتقديم الخدمات لكل الموظفين والمراجعين والممارسين الصحيين ضمن منظومة أرامكو جون هوبكنز الصحية في عدة مناطق نائية ومدن.

الأمثلة كثيرة على إجراءات مماثلة في منشآت صحية أخرى ضمن منظومة القطاع الصحي في المملكة، وقد ساهمت هذه الإجراءات بشكل كبير في الحد من انتشار الفيروس والتخفيف من مضاعفات الجائحة.

@almaiahmad2