بقلم/ منى المالكي 

الصادرة من صحيفة عكاظ

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

 

تعرف منظمة الصحة العالمية (WHO) جودة الحياة بأنها «انطباع الفرد تجاه حياته وضمن الأنساق والمعايير الثقافية في مجتمعه، وعلاقة ذلك بأهدافه وتوقعاته ومعاييره واعتباراته، وهو مفهوم واسع يتأثر بطريقة معقدة بصحة الفرد الجسمية وحالته النفسية ومستوى استقلاله وعلاقاته الاجتماعية، وعلاقته بالجوانب المهمة في البيئة التي يعيش فيها الفرد».

فالتوافق والانسجام مع المحيط الخارجي بتحولاته الحضارية وتعقيداته يزيد الضغط على الفرد، فكل تغيير يحدث تقابله حالة من الخوف بعدم الانسجام مع هذا القادم الجديد، وبذلك تنشأ عند البعض ردود فعل نفسية أو اجتماعية بعدم القبول أو الرفض أو الانطواء والعزلة، وبذلك يفقد معيارا مهما من معايير جودة الحياة التي نطمح لها.

وهنا تظهر الحاجة الملحة لتطوير قدرات الفرد وتفعيلها بشكل مكثف ومتواصل مع التقدم التكنولوجي الهائل الذي نعيشه، ومع اختلاف التعريفات التي كانت ثابتة، فمثلا كنا نعرف الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ولكن التعريف اختلف الآن بأنه الذي لا يستطيع التعامل مع أجهزة الكمبيوتر!

والمرحلة التى نعيشها حاليا، مرحلة اقتصاد المعرفة، فلم يعد التركيز على المباني والأموال والمستخرجات من باطن الأرض هي المعايير التى تقوم عليها المؤسسات والدول، ولكن ظهر مفهوم جديد وهو رأس المال الفكري، وإدارة الموهبة، أي اعتبار العنصر البشري المتميز داخل المؤسسة هو الأساس في تقييمها، وبالتالي لم يعد مفهوم الجودة يركز فقط على عيوب المنتجات أو الأخطاء ولكن تعدى دورها هذا الشىء إلى أكبر من ذلك وهو الاهتمام بالفكر الإنساني، وبالإنسان الذي يشكل حجر الزاوية لمفهوم جودة الحياة.

لذلك ظهر مفهوم التعاون بدل المنافسة والذي يركز على أهمية التعاون بين مختلف وظائف المؤسسة بدل المنافسة في ما بينها، فبالتعاون تتكامل تلك الوظائف وتتعرف على احتياجات بعضها من الموارد المالية والبشرية والفنية المساعدة على دعم التحسين المستمر.

ولقد اشتهر اليابانيون في ذلك باعتماد التعاون بدل المنافسة من خلال استخدام حلقات الجودة، كما يمكن تنمية مبدأ التعاون بين المديرين والعاملين بالعمل على تقليل الفوارق في الأجور والمكافآت، وتشجيع العمل الجماعي كأداة فعالة للتحسين المستمر، إضافة إلى احترام آراء الآخرين وإعطائهم الثقة بعملهم والاعتزاز به.

ولذلك تظهر الجودة بوصفها مفهوماً هائلاً قوياً ومؤثراً في عالم متغير وسريع جداً، ولذلك لا بد من تثقيف وتوعية جميع العاملين والمنتسبين لبيئة العمل بهذا المفهوم مفهوم الجودة، وحتى الطلاب والطالبات عناصر قوية في سلسلة الجودة كذلك المواطن الذي يعتبر الرقم الأصعب في معادلة جودة الحياة.