مراكزنا الصحية.. حلمنا
بقلم/ صلاح منصور السلمي
مجلة الجودة الصحية _ دينا المحضار
استكمال نظم الرعاية الصحية الأولية هي من أعظم المستهدفات التي نطمح إليها، بناء منظومة تسعى لاكتشاف الأعراض قبل الأمراض مبكرا للسيطرة عليها وأيضا لغرس مفهوم (الوقاية) للمستفيدين والمجتمع بشكل عام وبذلك يتم رفع مستوى الوعي الصحي وإعطاء جرعات من الأمل لأن تكون الحياة -بإذن الله- بصحة سليمة، وتلك من أسمى معاني (جودة الحياة) التي هي من أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030.
الواقع لا ينبغي أن نطيل فيه لأن المأمول أكثر بكثير منه؛ فالعمل الدؤوب من الجميع رغم اختلاف مسمياتهم ومواقعهم متكاملة ومترابطة ويستحقون عليها الشكر والتقدير منا جميعا،
لكن هل نحن بمراكزنا الصحية نسارع الخطى للسباق على حلم التحول؟
متى سنصل فعلا لمستهدف بأن يكون لكل مستفيد (مواطن أو مقيم) طبيب صديق للأسرة؟ هل نحن نسير بسرعة مطلوبة أم لازلنا في بداية الطريق؟ هل وصلنا لتصور كم يكون مستفيد أو أسرة لكل مركز؟ هل النطاق العمراني بالمدن المليونية مغطى بمراكز الرعاية الصحية، وإذا كان، هل عملها كما يجب؟
هل صحيح أن أكثر من 70% من زائري طوارئ المستشفيات الكبرى من الحالات الباردة غير الطارئة والتي من الممكن علاجها بالمراكز الصحية؟
ما نسبة أطباء الأسرة مقارنة بالسكان وهل برامج الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في هذا التخصص قادرة على رفع طاقتها و مراكزها لاحتواء العدد الأكبر من المتدربين؟
هل نعلم بمبدأ (كفاءة الإنفاق) أن العلاج بالمراكز الصحية أقل تكلفة مقارنة بالمستشفيات؟ هل هناك ربط فعلي بين المستشفيات والمراكز الصحية؟
هذه الأسئلة وغيرها تدور في أذهاننا جميعا، المراكز الصحية بعددها الهائل تحتاج شمولية أكثر بالتعامل، حيث في أغلب الأحيان أفضل وأقرب للمستفيدين من المستشفيات، كثرتها وتواجدها تقريبا في أغلب المربعات السكنية لابد أن يستفاد منه، فالأمراض المزمنة والالتهابات الموسمية تمثل الغالبية من المراجعين، التركيز على اكتشافها مبكرا والوقاية منها في حال زيادة عوامل الإصابة بها أحد الأهداف التي نسعى لها.
التوزيع الجغرافي والعدد السكاني للتجمعات الصحية لا يقاس بعدد المراكز الصحية؛ فإحدى التجمعات تضم 1.7 مليون مستفيد ومراكزها الصحية 160 مركزا وتجمع آخر يضم 2.4 مليون مستفيد وبه 80 مركزا صحيا.
برامج التوعية الصحية الأفضل أن تكون مقتصرة على المراكز أكثر من المستشفيات وأن تكون لكل حي أو منطقة سكنية المراد تفعيلها فيه ومركزة على الفئات المستهدفة لكل منطقة أو محافظة حسب الحالات المسجلة فيها.
التثقيف الصحي داخل مراكزنا بالتواصل مع الجهات التعليمية أو مجالس الأحياء يعتبر من أبرز قيم التواصل والنجاح والتي ينبغي علينا العمل على بلورتها ضمن الشكل الأمثل والمحتوى المفيد والبناء للمساهمة في تطور أنظمتنا الصحية واستمرارها.
نموذج الرعاية الصحية حلم سيتحقق -بإذن الله- وسيكون نقلة نوعية من خلال العدد الكبير من البرامج الصحية وتأهيل المراكز لتكون صديقة للمجتمع بشكل أكبر مع أن تفعيلها يحتاج قوى عاملة مدربة أكثر وخدمات لوجستية مستمرة غير منقطعة وآليات عمل واضحة وتجاوب من المجتمع لتتحسن به تجربة المستفيد.
تقييم عمل المراكز الصحية لكل مستفيد يعطي انطباعا بالتحسن بالمراكز تباعا.
القوى العاملة وتوزيعها من أهم مواضيع القيادات بالمراكز الصحية، توزيعهم لا بد أن تراعى به:
عدد المراجعين اليومي، النطاق العمراني المناط به، عدد برامج (نموذج الرعاية الصحية) المشغلة بالمركز فضلا عن موقعه الجغرافي وساعات العمل اليومية فيه، الإحالات للمستشفيات لا بد أن تراجع بشكل دوري وهل سبب الإحالة طبي أو لوجستي، حيث إن هناك إحالات بسبب عدم وجود التحليل أو نوع معين من الأشعة وتقنينها حماية للمستفيد وحفاظا على مرونة العمل بالمستشفيات.
المراكز المناوبة فكرة أكثر من رائعة وتربط بطوارئ المستشفيات لتكون قريبة منها.
كل ما ذكرت مرتبطة بأكثر من مؤشر لقياس عمل المستشفيات؛ فمؤشر (انتظار مواعيد العيادات) ومؤشر (انتظار المريض بالطوارئ) من أهم المؤشرات التي تتأثر بالمراكز وتؤثر على مدى رضا المستفيد، العمل عليها مع الزملاء من المراكز الصحية هو أحد الحلول لتصحيح مسارها وتحسين الخدمة فيها.
الربط الالكتروني نقطة في غاية الأهمية بين المستشفيات والمراكز توحيدها يظل الحلقة الأقوى والترابط الأجمل بينهما.
المباني للمراكز الصحية بغالبيتها حكومية على الطراز الحديث وأقل تكلفة بالصيانة العامة والطبية فضلا عن الصيانة الوقائية، وتمثل أرضية صلبة إنشائية ومنطلقا لابتداء عمل متميز.
المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية (سباهي) اعتمد الكثير من المراكز الصحية وفق معايير السلامة الأساسية، لا ينقصنا سوى الاستفادة الكبرى من المقدرات البشرية والإنشائية وآلية عمل متوافقة مع توجه القطاع الصحي المناط به بمنظومة عمل أساسية صحية وصحيحة.
@salahalsafer