ارتبطت مستويات التعليم الأعلى بتحسين الصحة العقلية. من المعروف أن العلاقات السببية صعبة التأسيس وهي متعددة العوامل بشكل عام. ومع ذلك فقد ثبت أن التعليم هو أحد أوضح مؤشرات نتائج الحياة مثل العمالة والدخل والوضع الاجتماعي وبالتالي فهو مؤشر قوي على تحسين الصحة والرفاه .

وفي الوقت نفسه، ارتبط انخفاض مستويات التحصيل التعليمي بانخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي. لكن لا توجد استراتيجية بسيطة لتحسين النجاح الصحي والاقتصادي للأمة. في الماضي، تبين أن قوانين التعليم الإلزامي التي تفرض التزامًا قانونيًا على الأطفال بالبقاء في المدرسة لفترة أطول تؤدي إلى نتائج ضارة في الصحة العقلية.

تتناول هذه المقالة الارتباطات بين التعليم والصحة العقلية والصلة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي وعوامل أخرى مثل العمر و الجنس والتعقيدات السياسية التي تنطوي عليها التخفيف من المشاكل للأجيال القادمة.

التحصيل العلمي والصحة العقلية

الأسباب التي تم الترويج لها هي أن المتعلمين لديهم عدد أكبر من الخيارات وبالتالي سيطرة أكبر على حياتهم وأمن أفضل. ومن شأن الحاصلين على التعليم العالي أن يكسبوا أكثر طوال حياتهم. على العكس من ذلك تم العثور على الرضا الوظيفي بين المتعلمين منخفضًا بشكل مدهش ويُعتقد أن هذا قد يكون بسبب التطلعات العالية التي تثبت أحيانًا أنها غير مجدية. وبالمثل يمكن أن يكون الرضا عن الحياة أقل في هذه المجموعة الديموغرافية. وفي الوقت نفسه، تم ربط التعليم المنخفض بنقص الشعور بالسيطرة والمرونة. يمكن خفض الحالة الاجتماعية والاقتصادية للنتيجة الطبيعية وانخفاض التحصيل العلمي. يرتبط التعليم المنخفض بـ“نقص الموارد النفسية والاجتماعية ” مثل الشعور بالسيطرة والمرونة والقدرة على تأخير الإشباع والوصول للأنشطة الثقافية والتعرض للمزيد من الضغوط اليومية. فقد ارتبطت هذه العوامل السلبية ارتباطاً وثيقاً ببداية الاكتئاب .

التعليم والوضع الاجتماعي –الاقتصادي 

قد تساهم عوامل متعددة في الارتباط بين الحالة الاجتماعية والاقتصادية والصحة العقلية. على الرغم من التحديات كشفت الأبحاث عن علاقة بين انخفاض الحالة الاجتماعية والاقتصادية ومشاكل الصحة العقلية. تم العثور على تدرج في الصحة العقلية في تحليلات المؤشرات المستقلة للمهنة والدخل والتعليم وهذا مستمر طوال العمر. كانت هناك محاولات لإقامة علاقة سببية بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي والصحة العقلية فقد تم استخدام نموذجين مختلفين لتقييم هذه العلاقة.

نموذج الاختيار

يفسر التدرج الاجتماعي التفاضلي حسب الانجراف الفردي إلى الأسفل بعد ظهور مشاكل الصحة العقلية.

نموذج السببية

يفترض أن العوامل المرتبطة بالحالة الاجتماعية والاقتصادية تساهم في ظهور مشاكل الصحة العقلية في المقام الأول.

الجنس والعمر مهمان أيضاً

وجد الباحثون أن الجنس والعمر عاملان اجتماعيان ديموغرافيان مهمان في الدراسات التي تبحث في المستوى التعليمي للتحصيل المصاحب للوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب النتائج السلبية للصحة العقلية “النساء أكثر عرضة للخطر من الرجال” (Maske, et al) . كما أن المخاطر أكبر بكثير بالنسبة لأفراد السكان الأصغر سنًا مقارنة لكبار السن. تم اكتشاف أن كبار السن المتقاعدين الذين يتمتعون بمستوى أعلى من التحصيل العلمي جنبًا إلى جنب مع الموقف الإيجابي تجاه أوقات الفراغ التمتع  بمستويات أفضل من الرفاهية والحياة الاجتماعية الأفضل و الوظيفة الإدراكية الأفضل .

تساعد المشاركة في الأنشطة الترفيهية في تعويض الضغوط الرئيسية المرتبطة بالتقدم في السن مثل فقدان أحبائهم والمخاوف المتعلقة بالصحة بشأن الإعاقة والمرض. فارتبط ارتفاع مستوى التعليم أيضًا بإدراك أفضل التغيرات المرتبطة بالعمر والحياة المهنية.

تعليم أولئك الذين يريدون أن يتعلموا

بالنظر إلى النتائج المذكورة أعلاه، فإن المزيد من التعليم يعمل دائمًا على تحسين الصحة العقلية. أظهرت الأبحاث أن هذا ليس هوالحال بالضرورة في كثير من الأشخاص الذين يبقون في التعليم يمكن أن يكون لهم آثار ضارة على الصحة العقلية. درس الباحثون المشكلة بعد أن أوصت الإصلاحات التعليمية في بريطانيا في أوائل السبعينيات برفع الحد الأدنى لسن المدرسة لترك المدرسة من 15 إلى 16.

تم تقديم الورقة البيضاء، «التعليم: إطار للتوسع» إلى البرلمان في عام 1972. على الرغم من أن الإصلاح أدى إلى تحسين طفيف في التحصيل العلمي ورفع مستويات الإلهام، إلا أنه لم يكن له أي تأثير على الحراك الاجتماعي. بدلاً من ذلك اكتشف الباحثون أن الإصلاحات الإجبارية تعمل على زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب ومشاكل الصحة العقلية الأخرى في مرحلة البلوغ.

لم تشير النتائج إلى أن الفعل الجسدي للبقاء في المدرسة كان المشكلة. وبدلاً من ذلك كانت النتائج نتيجة إجبار المراهقين ذوي الإنجازات المنخفضة على البقاء في بيئة مركزة أكاديميًا لا يزدهرون في ظلها. افترض الباحثون أن الإصلاحات قد تؤدي إلى عواقب غير مقصودة طويلة المدى على الصحة العقلية.

على الرغم من أن التحصيل التعليمي الأفضل قد تم ربطه بوضوح بنتائج أفضل للصحة العقلية الفردية إلا أنه لا تزال هناك فروق في العمر والجنس يجب الاهتمام بها. علاوة على ذلك، فإن تحسين الصحة العقلية للأمة ليس مجرد حالة وصف فرص أفضل لتحسين التعليم كما كشفت المحاولات السابقة للقيام بذلك. هذه الوصفة ليست مناسبة للجميع بدأ الباحثون بدلاً من ذلك في البحث عن حلول وتدخلات لمعالجة عدم المساواة الموجودة وهناك حاجة الآن إلى المزيد من هذه الأبحاث.

إعداد: شيماء النفيعي

المصدر

https://www.news-medical.net/health/How-does-Education-Affect-Mental-Health.aspx