[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab][author image=”http://www.noonews.com/uploads/2842015-110341AM-1.jpg” ]د/ خالد عبيد باواكد
المشرف على التدريب و التعليم الطبي المستمر بالرعاية الصحية الأولية بمحافظة جدة [/author]الصادرة من الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع
مجلة الجودة الصحية[/tab][/tabs]
ان المفاهيم المتغيرة للصحة والمرض وزيادة الوعي لدى الناس والزيادة المستمرة في تكاليف تقديم الخدمات الصحية و التأثير المحدود لنظام الخدمات الصحية السابقة في جميع أنحاء العالم أدى الى ظهور الاتجاه الى مفهوم الرعاية الصحية الأولية . وقد أعلن عام 1978 ميلادي في المؤتمر الدولي المنعقد في الماتا بالاتحاد السوفيتي ( ان الرعاية الصحية الأولية هي مفتاح تحقيق الصحة للجميع ) وقد اعتمدت سياسة منظمة الصحة العالمية هدف الصحة للجميع من خلال الرعاية الصحية الأولية والتي عرفتها المنظمة في نفس العام بأنها ( الرعاية الصحية الأساسية او الهامة ميسرة لكافة أفراد المجتمع و أسره معتمدة على وسائل وتقنيات صالحة عمليا وسليمة علمياً ومقبولة اجتماعياً وبمشاركة تامة من المجتمع بجميع أفراده وبتكاليف يمكن للمجتمع والدول توفيرها في كل مرحلة من مراحل تطويره وبروح من الاعتماد على النفس . وهي النواة والمحور الرئيسي في النظام الصحي وهي المستوى الأول لاتصال الفرد والآسرة والمجتمع بالنظام الصحي الوطني . ولا تقتصر خدمات الرعاية الصحية الأولية على تقديم العلاج فقط بل تمتد من العناية البدنية الى النواحي الاجتماعية والبيئية والعادات والتقاليد فهي تقدم خدمات وقائية علاجية تطويرية تأهيلية وبصفة مستمرة من بداية الحياة داخل رحم الام الى مراحل العمر المتقدمة (من المهد الى اللحد) .
ولقد أولت الدولة رعاها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله اهتماما بالغاً وسخرت كافة إمكانياتها من اجل صحة المواطن أيمانا منها بأنه اللبنة الأساسية والدعامة القوية لبناء هذا المجتمع فالإنسان هو جوهر التقدم وعماد التنمية وهو العنصر الأساسي لتحقيق الأهداف المنشودة في الحاضر والمستقبل . لذلك حرصت الدولة ممثلة في وزارة الصحة على تحقيق التغطية الشاملة بخدمات الرعاية الصحية الأولية لجميع المواطنين من خلال إنشاء مراكز صحية في جميع المدن والقرى على حد السواء . وقد خطت الرعاية الصحية الاولية خطوات واسعة خلال العشرين عاما الاخيرة وذلك من خلال :-
* انشاء المراكز الصحية لتغطي كافة ارجاء المملكة وتصل الى التجمعات السكانية النائية حيث تنامى عدد المراكز الصحية من حوالى 889 مركزا في عام 1400 هجري ليصل الى 1306 مركزا صحيا في عام 1405 هـ ( 1985م) ، ثم الى 1668 مركزا في عام 1410 هـ (1995 م ) ، الى ان وصل عدد المراكز الصحية الى 1745 مركز صحيا بحلول عام 1418 هـ ( 1998 م ) موزعة في جميع مدن وقرى المملكة .
· برامج التدريب للعاملين بها شاملا التدريب الأساسي والتدريب التنشيطي والتدريب في مجال رعاية الأمومة والطفولة والجودة النوعية .
وللتعرف عن قرب على دور الرعاية الصحية الأولية والخدمات التي تقدمها نجد أنها خدمات وقائية علاجية تأهيلية تطويرية ، ويتضح ذلك من خلال عناصر الرعاية الصحية الأولية وهي :-
أولا :- التثقيف والتوعية الصحية عن المشاكل الصحية والاجتماعية السائدة في المجتمع والعمل على طرح السبل للسيطرة والقضاء عليها بمشاركة المجتمع . والتثقيف الصحي هو عملية إعلان وحث الناس لتبني نمط حياة وممارسات صحية دائمة فهو يختص بتغيير وجهات نظر الفرد والمجتمع وسلوكهم لتحسين المستوى الصحي ، فصحة الناس مسئوليتهم الأساسية وقد أعلن المؤرخ الطبي سيجيرست عام 1941 ميلادي ان صحة الناس يجب ان تكون مسئوليتهم أنفسهم وان الحرب ضد الأمراض من اجل الصحة لا يمكن ان يخوضها الأطباء فقط ولكنها معركة الناس التي يجب ان تخوضها الشعوب مجتمعة وهو ما يؤكد الحاجة للمشاركة الفعالة للمواطن وللمنفعة المتبادلة بين الطبيب والمجتمع .
فالتثقيف الصحي يقوم على ثلاث اهدف رئيسية :
1) اكتساب المعلومات الصحية .
2) حث الأشخاص على تغير المفاهيم الصحية الخاطئة .
3) توجيه المجتمع لاتباع السلوك الصحي السليم .
من هذا العنصر نجد ان المحاضرات التوعية والدروس داخل مراكز الرعاية الصحية الأولية او خارجها التي يقوم بها أفراد الفريق الصحي ومن خلال الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة دليل واضح على المساهمة والاعتناء بهذا العنصر الهام .
ثانياً :- العمل على الإصحاح الأساسي للبيئة بالتنسيق مع الجهات التنفيذية الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال المهتمة بصحة البيئة والقائمة بالمراقبة الصحية كالبلديات، والتي تهدف الى الوقاية من الأمراض الناتجة عن شرب المياه الملوثة او انخفاض مستوى النظافة الشخصية . إضافة لمتابعة الأنشطة الخاصة بالمواد الغذائية في المحلات العامة ومراقبة وفحص مصادر مياه الشرب ، ومتابعة حوادث التسمم الغذائي .
ثالثاً :- توعية المواطنين لاتباع الأساليب الصحية السليمة في إعداد الغذاء ، وتنوعه للفئات المختلفة وخصوصا الأطفال والنساء الحوامل . والاكتشاف المبكر لحالات سوء التغذية والناتجة آما من تناول كميات غير كافية من الغذاء او عدم التوازن في العناصر الأساسية ومن هذه الأمراض فقر الدم والعشى الليلي …. الخ
رابعاً :- رعاية الأمومة والطفولة
وهي إحدى العناصر الهامة والتي تركز على الأطفال مادون الخامسة من العمر والأمهات الحوامل او النساء في سن الإنجاب ( أي الفترة العمرية بين 15 – 45 عاما ) والتي تشكل نسبة كبيرة في التركيبة السكانية في أي منطقة تصل الى حوالي 70 % من عدد السكان .
وتهدف رعاية الأمومة والطفولة الى
1) خفض نسبة المراضة والوفيات للأمهات قبل الوضع وكذلك الجنين والطفل .
2) تحسين الصحة فيما يتعلق بالتناسل .
3) تحسين النمو البدني والنفسي للأطفال وحتى سن المراهقة داخل الإطار الأسرى .
وقد بدا الاهتمام في هذا الجانب منذ بداية خطط التنمية عام 1390 هـ وذلك بإنشاء شبكة من مراكز الأمومة والطفولة المتخصصة لتحقيق تلك الأهداف وفي عام 1405 هـ ( 1985م ) تم إنشاء نظام فعال للمعلومات الصحية يتضمن تنفيذ السجل العائلي الصحي والبطاقة الصحية للطفل والام تمهيدا لربطها بالمراكز الصحية والتي تمت مع بداية خطة التنمية الخامسة عام 1410 هـ (1995 م ) حيث أفراد الفريق الصحي في مراكز الرعاية الصحية الأولية بمتابعة الأمهات الحوامل بل وتقديم النصح والإرشاد للنساء في سن الإنجاب وقبل فترة الحمل من حيث الحالة الصحية والإجراءات الوقائية لضمان فترة سالمة حيث يتم الفحص السريري والتاريخ العائلي والمرضي لمعرفة أي عوامل للخطورة . كما يتم عمل التحاليل اللازمة والأساسية ، وكذلك إعطاء التحصين ضد بعض الأمراض الخطرة أثناء الحمل مثل الحصبة الألمانية والكزاز وذلك بفترة كافية قبل الحمل . هذا الى المتابعة الدورية على الاقل مرة كل عام بالنسبة للنساء في سن الإنجاب . آما الحوامل من النساء فهناك جدول خاص للمتابعة أثناء الحمل للاطمئنان على الام وجنينها لضمان حمل صحي وإنجاب طفل لسيم بدنيا وذهنيا ونفسياً .
ونتيجة لذلك فقد ارتفعت نسبة الولادات تحت إشراف طبي الى 95 % كما ارتفعت نسبة المواليد التي تزيد أوزانهم عند الولادة عن 2.5 كجم الى 94 % .
خامساً :- التحصين الموسع للأطفال ضد أمراض الطفولة المعدية من خلال عيادات الطفل السليم والتي تقوم أيضا بمتابعة نمو وتطور الطفل منذ الولادة وحتى سن دخول المدرسة وذلك عن طريق قياس معدلات نمو الطول والوزن ومحيط الرأس . إضافة الى أجراء الاختبارات و الفحوصات الهامة للاكتشاف المبكر لأي مشاكل لا سمح الله حتى يمكن تفاديها او علاجها مبكراً وذلك من خلال معدلات نمو الأطفال ( حركي ، عاطفي ، اجتماعي ، ذهني ) ويتم تدوين جميع الملاحظات في السجل الصحي الخاص بكل طفل .
وقد حظي برنامج التحصين الموسع باهتمام المقام السامي الذي تمثل في صدور مرسومين ملكيين في عامي 1399 هـ ( 1979 م ) وعام 1304 هـ ( 1983 م ) وتضمن المرسومان ربط منح شهادة الميلاد بإكمال التطعيمات الأساسية ، ثم تبعها مرسوم ملكي ثالث في عام 1408 هـ ( 1988 م ) لتحصين جميع الأطفال بلقاح ضد الالتهاب الكبدي الوبائي .
وقد بداء البرنامج بستة أمراض هي الدرن ، الدفتيريا ، الكزاز ، شلل الأطفال ، السعال الديكي ، والحصبة . ثم وبعد نجاح البرنامج أضيف الالتهاب الكبدي ، الحصبة الألمانية ، والنكاف إلى جدول التطعيمات لتصبح تسعة أمراض . ونتيجة لهذا البرنامج الموسع فقد انخفض معدل الإصابة بتلك الأمراض خلال السنوات الماضية بشكل كبير جداً وملحوظ ولله الحمد ومثال على ذلك :-
· انخفض معدل الإصابة بشلل الأطفال ومرض الدفتيريا من 1.0 لكل 100 آلف نسمة إلى صفر عام 1417 هـ ( 1997 م ) مع نسبة تغطية تعادل 93%
· انخفض معدل الإصابة بالسعال الديكي من 7 لكل 100 ألف نسمة عام 1412 هـ الى 0.42 لكل 100 الف نسمة عام 1417 هـ ( 1997م) مع نسبة تغطية بلغت 93 %
· انخفض معدل الإصابة بالحصبة من 83.79 عام 1412 الى 21.1 عام 1417 هـ لكل 100 الف نسمة . وكذلك انخفاض كبير في معدل الإصابة بالحصبة الألمانية من 27.63 عام 1412 لكل 100 الف نسمة الى 1.98 عام 1417 هـ مع تغطية بلغت 93 %
سادساً :- العمل على وقاية المجتمع من الأمراض المتوطنة والمعدية والسيطرة على انتشارها وذلك بالتقصي الوبائي للأمراض سواء كانت إمراض سارية مثل الملاريا والحصبة والبلهارسيا والالتهاب الكبدي … الخ . ام الأمراض الغير سارية نتيجة تغير في نمط وأسلوب المعيشة مثل الداء السكري وتسوس الأسنان وارتفاع ضغط الدم . ويقوم المراقب الصحي بمركز الرعاية الصحية الأولية بعمل هام وكبير يساهم في الحفاظ على صحة المجتمع من خلال الاستقصاء الوبائي للأمراض المعدية بمتابعة الأشخاص المخالطين للمريض لفترة تعادل أقصى فترة حضانة للمرض للوصول أفضل الوسائل للمكافحة والوقاية بإذن الله . ومن هذه الأمراض اللشمانيا ، البلهارسيا ، والملاريا . هذا إضافة الى مرض السل او المعروف باسم الدرن والذي كان من اكثر الأمراض انتشارا في المملكة عام 1380 هـ ولكن نتيجة للجهود الجبارة التي قامت بها الوزارة انخفضت نسبة الإصابة بالمرض بصورة تبشر بانحسار المرض في القريب العاجل بإذن الله حيث كان معدل الإصابة بمرض الدرن الرئوي 135 إصابة لكل 100 الف نسمة عام 1400 هـ (1980م) وانخفض الى 42 إصابة لكل 100 الف نسمة عام 1405 هـ ثم الى 18.6 لكل 100 الف نسمة عام 1410 هـ
سابعا ً :- التشخيص السليم والعلاج الملائم للأمراض والإصابات الشائعة بما في ذلك الجراحات البسيطة والولادات الطبيعية ورعاية الفم والأسنان ، إضافة الى توفير الأدوية الأساسية اللازمة .
هذا اضافة الى العديد من البراج الخرى مثل برنامج مكافحة التدخين حيث تم افتتح العديد من عيادة مكافحة التدخين في المركز الصحية خلال السنوات الماضية والتي تساهم وتساعد الراغبين في الاقلاع عن هذه العادة الضارة بصحة الفرد والمجتمع . كذلك بدء برامج التدريب والتعليم الطبي المستمر والتي بداتها الرعاية الصحية الاولية بمدينة جدة للاطباء وبرنامج تطوير الاداء التمريض لفئة التمريض العاملين بالمراكز الصحية بهدف تنشيط معلوماتهم وتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطن والمقيم .