الإدارة والحكومة الصحية!
[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab]الصادرة من جريدة عكاظ
الجودة الصحية – اعداد : دينا المحضار[/tab][/tabs]
لننظر إلى هذا المثال (الذي ــ مع الأسف ــ قد يحدث في القطاع الصحي):
كتب الطبيب المعالج وصفة طبية (دواء) لأحد المرضى المنومين داخل المستشفى لنقل أن اسمه محمد. وبدل أن تعطي الممرضة الدواء لمحمد، أعطته لمريض آخر: عبدالله، ما أدى إلى مشاكل صحية كبيرة أدت إلى تنويم عبدالله في العناية المركزة لفترة أسبوع، وكادت تودي بحياته!
من هو المسؤول عن هذا الخطأ الطبي؟
هل هو الممرضة؟ أم الطبيب؟ أم مدير المستشفى؟ أم مدير الشؤون الصحية؟
معظمنا سيلقي باللوم على الممرضة، وربما قال بعضهم بأن الممرضة مخطئة (٩٠%) والطبيب (١٠%).
ماذا لو قلت لك إن هذه الممرضة لديها عشرة مرضى آخرين تقوم بعنايتهم (مع أن عدد المرضى مقابل الممرضة الواحدة لا يجب أن يتعدى ٤ مرضى مقابل ممرضة واحدة!)؟ وماذا لو قلت لك إن الممرضة لم تنم إلا لمدة ساعتين فقط الليلة السابقة بسبب عطل جهاز التكييف في السكن (القديم المتهالك) مع شكاوى الممرضات المتكررة لإدارة السكن؟ هل ستتغير نسبة «المسؤولية» ؟ ومن هو صاحب «الصلاحية»؟
نعم «المسؤولية» و«الصلاحية» كلمتان مهمتان جدا في نقاشنا لموضوع الإدارة والحكومة الصحية.
بناء على دراسة قامت بها هيئة الاعتماد الصحي الأمريكية (the Joint Commission) في عام ٢٠٠٦، بخصوص الأخطاء الطبية، فإن حوالي ٥٠ % من الأحداث الجسيمة أو ما يعرف بالـ Sentinel Events، كان سببه يرجع بطريقة أو أخرى إلى ضعف في منظومة الإدارة (Leadership) أو الحكومة الصحية (Governance)!
وفيما يلي نبذة مختصرة عن الإدارة والحكومة الصحية:
ــ تقع مسؤولية «الإدارة الصحية» على القيادة الموجودة داخل المستشفى (المركز الصحي، المستوصف، المختبر).
اما «الحكومة الصحية»، فهي عبارة عن القيادة الموجودة خارج المستشفى (المركز الصحي، المستوصف، المختبر).
ــ أمثلة «الإدارة الصحية» : مدير المستشفى، المدير الطبي، المدير الإداري، رؤساء الأقسام السريرية (أو الإدارية).
ــ أمثلة «الحكومة الصحية» :
وزارة الصحة: مدير الشؤون الصحية (ومساعدوه)، وكيل الوزارة.
وزارة الحرس الوطني: الشؤون الصحية لوزارة الحرس الوطني.
وزارة الدفاع: الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة.
وزارة الداخلية: إدارة الخدمات الطبية بوزارة الداخلية.
القطاع الخاص: صاحب المستشفى (أو المستوصف)، أو مجلس الإدارة.
ــ مهام ووظائف الحكومة الصحية:
وضع الاستراتيجية، اختيار إدارة المستشفى (المستوصف، مركز الرعاية الصحية الأولية، المستوصف)، توفير الموارد المادية والبشرية، وضع الرؤية والرسالة، وضع السياسات والقوانين واعتمادها، تقييم ومتابعة أداء الإدارة الصحية من مدير مستشفى ورؤساء أقسام… إلخ.
ــ مهام ووظائف الإدارة الصحية:
تطبيق الاستراتيجية على أرض الواقع، متابعة أداء الكادر الصحي والإداري، تطبيق السياسات والقوانين، تطبيق الجودة الصحية وسلامة المرضى.
ــ تقع معظم الصلاحيات (Authority) على عاتق الحكومة الصحية، ولكن يمكن لهذه الصلاحيات أن تفوض (Delegation) إلى الإدارة الصحية، ومنها إلى بقية الكادر الصحي والإداري، بناء على ما تقتضيه مصلحة العمل (وفعاليته) وما يراه المسؤولون عن الحكومة الصحية.
ــ هنالك علاقة طردية بين الصلاحيات (Authority) والمسؤولية (Responsibility)، فكلما زادت الصلاحيات زادت المسؤولية. والسؤال هنا: ما هو حال العلاقة بين الصلاحيات والمسؤولية في قطاعنا الصحي؟! (سأترك الجواب هنا للقارئ/ القارئة!)
ــ لن يكون لدينا قطاع صحي فعال من غير تحسين وضع الإدارة والحكومة الصحية وتوضيح العلاقة الهامة بينهما، فكلما كان هنالك وضوح للرؤية والمسؤولية من جانب «الحكومة الصحية» وكلما كان هنالك فعالية أداء واهتمام بالجودة وسلامة المرضى من «الإدارة الصحية»، تحسن أداء القطاع الصحي ككل.
مع الأسف، لا زال وضع الإدارة والحكومة الصحية في القطاع الصحي يحتاج إلى الكثير من التطوير؛ لذا أعتقد أنه قد آن الأوان لإنشاء معهد للقيادة الصحية (Healthcare Leadership Institute) في المملكة يكون معنيا بتخريج القيادات الصحية لشغل المناصب المختلفة المهمة، سواء في مجال الإدارة الصحية أو الحكومة، ما يؤدي ــ بإذن الله ــ إلى تحسين الجودة الطبية وسلامة المرضى ويضمن استمرارية وعافية القطاع الصحي السعودي لسنين وعقود قادمة.
بعد كل ما ذكرنا أعلاه، أعود فاسأل السؤال من جديد: من هو المسؤول عن هذا الخطأ الطبي؟
هل هو الممرضة؟ أم الطبيب؟ أم مدير المستشفى؟ أم مدير الشؤون الصحية؟
أتوقع أن الجواب لم يعد بتلك السهولة