في ربوع الباحة وجوها العليل وأهلها الكرام بصيف ١٤٣٨ قضيت إجازتي مابين إعادة لالتقاط الأنفاس والتأمل والاستمتاع،  جذبني مقال جميل جداً للكاتب الجميل عبدالله خياط بعنوان “مع الفجر” حيث تطرق في مقاله إلى احتفال نقابة الأطباء في انجلترا بتخريج دفعة جديدة من الأطباء بحضور رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج ، كان من فقرات الاحتفال كلمة لنقيب الأطباء الذي بدأ بنصائح يوجهها للخريجين حيث روى لهم قصة حصلت له أثناء عمله، أتت إليه سيدة عجوز في منتصف ليلة عاصفة طالبة مساعدته لإنقاذ طفلها المريض وفي حالة خطره، لم يتردد وأسرع غير مبالياً بالأجواء السيئة والوقت المتأخر ورافق والدة الطفل، وعندما وصل بعد مشوار شاق إلى منزلهم الصغير ووجد الطفل في احدى زواياه يئنّ ويتألم، قام بواجبه وقدم له الخدمة الطبية، وعندما انتهى قدمت له الأم كيساً به نقود مقابل خدمته لكنه رفض وأعاده إليها بكل لطف حيث كانت الأم وطفلها يعيشان في غرفة صغيرة في ضواحي لندن، ولم يكتفي بذلك بل تابع حالة الطفل حتى منّ الله عليه بالشفاء، وبينما كان ينهي كلامه موكداً لهم أن مهنة الأطباء مهنة رحمة، بادر رئيس مجلس وزراء بريطانيا بالوقوف واتجه نحوه ليبلغه أنه يبحث عنه منذ عشرين عاماً واستأذنه أن يسمح له بتقبيل يده بوصية من أمه، نعم فقد كان هو ذاك الطفل الفقير الذي أنقذه في ظلمة الليل.

راقت لي هذه القصة ومن منطلق المحبة والتواصل نقلتها إلى الزملاء بمستشفى الاسياح العام، فوجدت من بيننا أطباء وممارسين صحيين لهم ذات المواقف النبيلة، والاي توازي هذا الموقف الذي قصصناه عليهم دون علم إدارة المستشفى أو حتى زملائهم، وجدنا قصصا تدعو للفخر والإعتزاز.

هنا أدركت أن فن الادارة بالقرب من زملاء العمل بالتواصل الجيد وأن العلاقات الانسانية انعكاسها ايجابي على المنشآت الصحية وبناء روح الفريق والاستقرار الوظيفي ، منشآتنا الصحية بها أحدث التجهيزات وأفضل الكوادر بفضل من الله ثم ولاة أمرنا حفظهم الله، يتبقّى النضج الإداري لهذه الإمكانيات وإدراك أن المنصب تكليف للقيام بخدمة المستفيدين من خدمات الرعاية الصحية في وطننا الغالي.

 

موسى محمد الهزازي

تويتر: wwtww88@