سلسلة عمل المرأة “ظاهرة صحية”

 

“الترابط الأسري” مسؤولية الأسرة أم المجتمع!

إذا كانت من مسؤولية المجتمع الحضاري دعم العمل والإنتاجية لتحقيق التنمية فمن الأولى تحميل ذلك المجتمع مسؤولية دعم الفرد ذاته ليتمكن من المساهمة دون الإخلال بالتزاماته الأسرية و الشخصية.

 

تعيش فئة من الأفراد إزدواجية دور مجتمعي ناتجة من تزامن الدور الشخصي في رعاية أفراد الأسرة مع الدور الوظيفي في العمل. تواجه تلك الفئة تحدي كبير في الموازنة بين الدورين بسبب التداخل بينهما بالإضافة إلى غياب الأنظمة الوظيفية الداعمة في مجتمعنا مما اضطر مقدمي الرعاية لمواجهة التحدي بمفردهم ولا بد أن ذلك سيؤثر سلبا على حياتهم الشخصية وربما مساهمتهم الوظيفية و قد كانت من أبرز النتائج إنتقال دور الرعاية الشخصية تدريجيا إلى أيدي الخادمة المنزلية.   

نحن ندرك بأن مجتمعنا يفتقر لبدائل مجهزة لرعاية كل من الأطفال قبل سن المدرسة والأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة و فئة كبار السن ممن بحاجة لمساعدة شخصية في الحياة اليومية. فإلى متى سنظل نعتمد على الخادمة المنزلية في رعاية تلك الفئات عند ذهاب الأم أو غيرها ممن يقدم الرعاية إلى العمل! إن إنشاء مراكز و مؤسسات  بتجهيزات ذات جودة عالية المعايير لتلك الفئات سيخفف من عبء الرعاية الملقى بالكامل على مقدم الرعاية من الأسرة مع ضرورة ربط تلك المراكز بنظام العمل بحيث تغطي خدماتها أوقات الدوام الرسمية بالكامل. ومن الجانب الآخر، إعادة صياغة قوانين العمل لتحتوي فئة العاملين من مقدمي الرعاية لذويهم  من شأنها أن تدعم تلك الفئة للموازنة في ازدواجية الدور المجتمعي ومن ذلك  المرونة في الإجازات وكذلك في ساعات العمل لمقدمي الرعاية كما يجب بحث حد أدنى لساعات العمل مع عدم تأثر المستحقات المالية للموظف الذي يقدم رعاية لذويه.

ضمن عناصر التحضر رعاية الأفراد المعتمدين على الغير بسبب الإعاقة أو صغر/كبر السن ليست مسؤولية فرد من أفراد الأسرة وإنما هي مسؤولية مجتمعية وقد تجاهلها مجتمعنا في جميع مراحل وخطط التنمية إلى أن تفاقمت وأصبحت مشكلة متشعبة مما يستلزم رسم خطة متكاملة تضمن رعاية كريمة و مساهمة فاعلة في آن واحد كي نحافظ على الترابط الأسري وقبل ذلك سلامة الصحة الذهنية والنفسية للأفراد.

 

د.عبير الراشد

استاذ الإدارة الصحية المساعد/ جامعة الملك سعود