كما هو معلوم ان الجانب الصحي في اي مجتمع يعتبر من اساسيات بناءه , بل ان سلامة هذا الجانب هو مؤشر لسلامة هذا المجتمع ,

يبنى اي نظام صحي سليم على ثلاث ركائز اساسية :
–  شمولية ذلك النظام سواءا على صعيد الافراد او على صعيد التخصصات 
–  جودته العالية 
–  و التكلفة المتاحة .
متى ما انتقص شيء من هذه الأسس أصبحت الأنظمة الصحية عاجزة عن تقديم المفهوم الحقيقي للصحة العامة .

ومفهوم الشمولية في النظام الصحي هنا يتضمن أمرين : الأول هو إمكانية كافة الأفراد في ذلك المجتمع بمختلف الفئات و الإمكانات من الحصول على الخدمة الصحية وذلك لتطبيق مبدأ العدالة في التوزيع , الأمر الأخر هو اشتمال النظام على كافة التخصصات الطبية الضرورية لأن ذلك يسهم في الحد من التكاليف المرتفعة في استقطاب الكفاءات من الخارج .

أثناء دراسة تخصص الادارة الصحية فإن أحد المناهج المقررة هي السيايات الصحية ,وكان من الضروري جدا على المتعلمين إدراك مفهوما هاما جدا فيها ألا وهو توزيع الخدمات الصحية على الجميع بمعايير محددة الا وهي ….
( الكفاءة , الفعالية , الانصاف ) , بمعنى اخر عند قياس نظام الخدمة الصحية المقدمة في اي بيئة فان معايير هذا القياس انما يكون بناءا على تلك الأسس الثلاث , وعند افتراض أن معيار الإنصاف في تقديم الخدمة جيد , فإن القصور هو في إطار الكفاءة والفعالية , – الفاعلية هي أداء الأعمال الصحيحة و أما الكفاءة فهي أداء الأعمال بطريقة صحيحة .

لكن ما هو ملاحظ قلة عدد المستشفيات التي تقدم الخدمات الصحية ,فضلا عن تدني بعض مستويات الخدمة الصحية المقدمة في العديد منها , ومع الاسف بالرغم من احتياج المجتمع لهذه المستشفيات بشدة  فان العديد منها لازال قائما مع تدني الخدمات المقدمة فيه ,

فالمنظمات الصحية تواجه العديد من التحديات والعقبات والتي قد تكون من البيئة الخارجية او حتى الداحلية ،

مثلا :عندما نعمل دون تحديد أهداف حتى إن كانت قليلة أو أهداف موضوعة منذ زمن ,فاننا بذلك نكون مكررين لما كنا نفعله في الماضي وكاننا ندور في حلقة واحدة مفرغة فضلا عن بقاءنا في ذات الموقع الذي كنا فيه بالرغم احيانا من ان ما نفعله يكون مستهلكا لكل اوقاتنا لكنه في نهاية الامر دون جدوى !!
لا يختلف اثنان أن لكل مستشفى اهداف ترغب في تحقيقها سواءا في ضوء وجود تخطيط فعال لتحقيقها ام لا, لكن هناك تساؤل دائما ما يغفله البعض وهو كيف سنحقق تلك الاهداف الكبيرة اذا لم تتضافر اقسام تلك المستشفيات في تحقيقها ؟ 
لماذا لا تقسم هذه الاهداف و الخطط المستقبلية ويكون لكل قسم في المنظمة جزء في تحقيقها, بذلك تحدث مساهمة في رسم الصورة الكلية لهذه المنظمة, وحتى يشعر العاملين فيها ان الجمود الذي كان سائدا قبل ذلك قد تكسر بعض الشيئ, وبذلك ترتفع الهمم وتحفز الذوات ويلاشى الملل الذي كان سائدا للوصول الى نقاط جديدة وكل ذلك يؤدي الى الحركة المستمرة في التطوير حتى ان كان هذا التطوير يسير ببطء لكنه على الاقل ….. ينموا ويزداد .
ياتي بعد ذلك الأهم الا و هو تحوير الاهداف من اطارها النظري الى اطارها العملي.
وجود جهاز تنفيذي بدون كفاءة لتحويل اهداف المنظمة الى عمل هو من اهم ما يساعد في تبطيء تنفيذ الاهداف ,هنا تكمن اهمية التطوير والتدريب للادارات التنفيذية لانها تمثل الاطار المرجعي لاداء المؤسسة ككل .”من لا يتعلم … يتقادم “.

أمر اخرهو تحويل السلطة إلى نظام مؤسساتي, هذا يعني تمتع المؤسسة بالقدرة على الاستمرار في بناء علاقات قائمة على الثقة مع الجميع , مع التركيز المستمر على الكفاءة و السرعة والمرونة ,
ولا شيئ يمكن في ان يتسبب في خراب هذا النظام كالقادة الذين يتصفون بالدكتاتورية ,حتى لو مارسوا القيادة على مؤسسات تم تحويل النظام الأخلاقي فيها الى نظام مؤسساتي , لان الدافع الاساسي لديهم هو حب الانا .وهنا من الواجب على الاتباع ابداء النصح لقائدهم وعلى القائد ان ياخذ بما قيل له, “لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمع” .

أيضا من اكثر المشكلات الداخلية بين العاملين في المستشفيات تعود الى الإفتقاد لمعنى التكامل في العمل, عندما يدرك الطبيب و الممرض و الصيدلي و طبيب المختبر و غيرهم ان الجميع انما يشكلون رسما لهدف واحد فان الكثير من مشكلات المنظمات الصحية سوف تقل تدريجيا 
الربط بين هذه الاقسام المحتلفة يكمن في التنظيم الاداري الجيد في المستشفى ,وسواءا كان هذا التنظيم بسيطا أم شديد التعقيد فان العامل الأهم فيه هو إعطاء الأهمية لجميع المهن داخل المنظمة و التواصل الجيد فيما بينها.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماهو دور القيادات الصحية البارزة في مجتمعاتنا في نقويم الكفاءة والفعالية في الخدمات الصحية ؟
ودائما ما يطرح تساؤل لماذا يقتصر علم وخبرة الكثير من القياديين الصحيين في اطار شبه مغلق في حين ان المجتمع بحاجة الى خبرة مثل هؤلاء في الكثير من قضايا الصحية الهامة ؟؟

المستشفى سواء كانت حكومية او خاصة هي مؤسسة تخضع لقوانين الادارة الخاصة بالمؤسسات الخدمية ,ولكن الخدمة فى المستشفى لايكون هدفها الربح المادى فقط بل فى المقام الأول تقديم افضل رعاية للمريض وباسعار مناسبة .
لذلك نرى ان الإدارة الجيدة للمستشفيات هي الحكمة فى استخدام الموارد وتحريكها لتقديم أفضل خدمة مع خفض التكلفة إلى أدنى حد وبما يحقق ربحية, 
بمعنى أن ضرورة الموازنة بين الجودة و التكلفة بحيث يتم الإنتباه إلى عدم التضحية بجودة الخدمة المقدمة , وعدم إرهاق المريض وتحملة مصروفات عالية هي مفتاح الإدارة الجيدة للمنظمات الصحية .

لا شيء يضاهي في هذه الحياة من قيمة نفس أودعها الله في أرضه ، وسواءا أدركنا علة وجود هذه النفس او تلك فإن الله ما استودعنا تكليف حفظها ورعايتها في اشد احوال ضعفها الا لغاية وحكمة أعظم .
لكل من امتهن مهنة لها جانب في صحة تلك الأنفس، احفظوا هذه الأرواح التي استؤمنت بين ايديكم .

 

ألاء قادري