قياس الأداء لتحسين الإنجاز
تمر المملكة بتحولات كبيرة على العديد من الأصعدة ساعية للاستفادة من الموارد المتاحة وإيجاد خيارات اقتصادية متنوعة عدا عن النفط.
وكان انبثاق رؤية 2030 م تأكيدا لعزم القيادة الرشيدة على وضع أطر استراتيجية تستند على الإنجاز وقياس الأداء في المنظمات.
يساهم التخطيط الاستراتيجي في التسريع من الإنجاز ومعرفة التحديات التي تواجه المشاريع المتعثرة وبالتالي العمل على حلها، على أن تكون الخطط الإستراتيجية واضحة وواقعية مكتملة الأركان مبينة فيها الرؤية والرسالة والأهداف موضحا فيه المبادرات والمشاريع المعتمدة مفصلة بالخطط التنفيذية وجدولتها الزمنية ومعاييرها القابلة للقياس وكيفية قياسها.
تهدف معايير قياس الأداء إلى تحديد وقياس مدى تقدم المنظمة تجاه التقدم في أهدافها العملية، كما تستخدم كمقياس لإنجاز الموظفين ومكافأتهم بعدالة وفق معايير واضحة وملموسة. كما يمكن الاستفادة منها كبيانات في رصد التقارير المهنية التي تعكس انجاز العمليات والأنشطة والمشاريع في المنظمة حيث تكون هذه المؤشرات عادة طويلة المدى على اعتبار أن تعريفها وتحديدها لا يتغير سريعا.
لهذا تعمد الأنظمة الحديثة المتطورة إلى بناء نظام يركز على قياس الأداء System Measurement Performance سعيا منهم إلى :
- تخفيض سعر التكلفة وتحسين الإنتاجية.
- تفعيل رسالة منظمة الأعمال هادفين إلى تحسين الحد الأدنى المقبول للأداء.
- تنفيذ الاستراتيجيات بتوائم بين الأنشطة والخطط الاستراتيجية.
- استرجاع البيانات للاسترشاد بها أثناء التخطيط.
- قياس كفاءة العمليات لتحديد أولويات التطوير وفق أساس واقعي وعلمي منطقي.
- مساعدة المدراء في تحديد أفضل الممارسات Practices Best في المنظومة وبالتالي تعميمها بأمان.
- اتاحة الرؤية المساهمة في تحديد القرارات المالية والقرارات الإدارية المصاحبة مما يساهم في تقليل المخاطر.
- تمكين محاسبة المسؤولين وفق معايير مقاسة وملموسة وتشجيع التنافس في الأداء من خلال ربط الحوافز بتقارير الأداء.
- مقارنة أداء العمليات بالمعايير المقارنة للمنظمات المشابهة أو المنافسة Benchmarking
- الاستفادة من عملية تجميع البيانات في تقدير التكلفة الحقيقية للمشاريع ومقارنتها والتنبؤ بتكلفة المشاريع المستقبلية.
تتنوع معايير قياس الأداء في المنظمات حيث يمكن متابعتها وفق مؤشرات الأداء (Key Performance Indicators “KPIs”) والتي تحدد استنادا على الأهداف الذكية للمشروع SMART
تقاس معايير الأداء بطرق كمية قابلة للقياس بوسائل دقيقة يراعى في اختيارها:
- الأولوية وفق الأهداف المرسومة Be the most Popular Company””
- الفائدة العائدة على المنظمة وتحديدا للعميل “Generate More Repeat Customers”
- الواقعية وذلك بتقنين عدد المؤشرات وفق ما يتناسب مع دور الوحدة التنظيمية ضمن المنظمة وحتى يمكن للأفراد التركيز عليها ولمتخذ القرار متابعتها.
فتركيز الوحدات الخدمية ينبغي أن يركز على زيادة رضاء العميل والحفاظ عليه وبالتالي فمؤشرات الأداء تنصب في ذلك، بينما الوحدات التشغيلية تركز على جودة المنتج كما وكيفا وستكون معايير الأداء وفق هذا.
يراعى في تصميم مؤشرات الأداء الأساسية عناصر عدة منها:
- أن تنبع من فهم عميق للمشكلات محل الدراسة ومحاولة تفصيل مؤشرات مناسبة لتعكسها.
- أن يبسط المؤشر قدر المستطاع ويوضح بما يجعله قابلا للقياس بفعالية يعتمد عليها إحصائيا Reliable Statistically. وألا يكون قياسه مكلفا.
- أن يستفاد منها كمقياس يمكن تفسيره بنتيجة مؤثرة في الإنجاز.
- أن يقاس المؤشر على مستويات متعددة ومتسلسلة Cascading
- أن تكون المؤشرات محدودة العدد لتساعد متخذ القرار على متابعتها باستمرار.
- أن تكون عملية وقابلة للتطبيق من حيث إمكانية جمع البيانات.
- أن يكون قياسها ممكنا وبنفس الوسيلة في كامل الخطة الزمنية للمشروع قبل استبدالها.
وتتنوع مؤشرات الأداء الأساسية KPI فمنها:
- أ- مؤشرات الكفاءة Indicators Efficiency
حيث تربط مخرجات الموارد بمدخلاتها المادية والمالية والبشرية المستخدمة لإنتاج هذه المخرجات. وتضمن ذلك التكلفة الزائدة والتكاليف الإدارية، فعلى سبيل المثال:
- الموارد المالية (التكلفة الإجمالية لكل منتج)
- الموارد الطبيعية (قيمة الأصول المستخدمة لكل منتج)
- الموارد البشرية (فریق العمل المخصص لكل منتج)
- الموارد الزمنية (الوقت اللازم لإنتاج المنتج)
- مؤشرات الفعالية Indicators Effectiveness
- مؤشرات إنجاز العمل Indicators Workload
والتي تعكس كم العمل الذي تم إنجازه، وتعبر هذه المؤشرات عن أنشطة عملية الإنتاج نفسها وليس المنتج من خلال مقاييس الجودة Measures Quality، ومقاييس الجودة التي تتناسب مع توقعات العميل (مثل: الدقة وسرعة الاستجابة والمسئولية).
كما يمكن تطوير مؤشرات الأداء الأساسية عند توفر العوامل التالية:
- عندما يدعم قياس مؤشرات الأداء قياديا كأولوية للتطوير.
- عندما تتضح رؤية ورسالة وهدف واستراتيجية المنظمة ودور الوحدات التنظيمية.
- عندما تبين المجالات التي ينبغي على المؤشرات التركيز عليها لتعكس وظيفة المنظومة.
- عندما تحدد أساليب جمع البيانات والقياس وكيفية تكرار القياس.
- عندما تراجع المؤشرات للتحقق من قدرتها على دعم القرار الإداري.
على الرغم من انشاء مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية في معهد الإدارة العامة كمرحلة أولى لمدة خمس سنوات ليتكفل بقياس أداء الأجهزة الحكومية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (187) وتاريخ 4-7-1429هـ ، إلا أنه مازالت هناك تحديات في تحديد مؤشرات سنوية تعكس أداء الجهة الحكومية ومتابعتها لقياس الإنجاز وحل مشاكل التعثر التي تواجهه بعض المشاريع، وقد يساعد وجود إدارة مستقلة لمتابعة وقياس الأداء ترتبط في الهيكلة التنظيمية للقيادة العليا بحل هذه المشكلة ليكون من مهامها قياس معدلات الإنتاج والتغير فيه ومقارنته سنويا، وقياس الكفاءة والإنتاجية من خلال الكشف عن مدى الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية والمادية. على أن تعطى المشاريع مهلة قصيرة للتنفيذ لا تتجاوز السنة تحدد فعاليتها وانجازها من خلال مقاييس الأداء وتقارير الإنجاز الربع سنوية التي يوضح فيها الانجازات والعقبات والإخفاقات وحل مشاكل التعثر. ويمكننا الاستفادة من تجربة شركة ارامكو كمثال بتفعيلها بطاقة قياس الأداء المتوازن BSC اليا عن طريق الحاسب الآلي منذ سنوات.
وختاما فإن قياس الأداء يصب في المصلحة العامة والخاصة أيضا عندما تكون وسيلة لتحفيز المدراء والعاملين في المنظمة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
د. لمياء عبد المحسن البراهيم
مقال رائع جدا ..
اعتقد من المهم جدا ان تتم عملية التثقيف وعمل برامج تدريبية متخصصه للوصول للهدف المنشود.
رائع جدا