من أهم القضايا التي تؤرق أي مجتمع من المجتمعات هي مستوى الرعاية الصحية بالمجتمع، فالصحة هي أحد أهم الأسس التي لا يستطيع أي مجتمع أن ينهض ويتقدم بدون الاهتمام بها وتطويرها لما يتناسب والمتغيرات الحياتية المحيطة، ونلاحظ في مجتمعنا السعودي نسبة غير قليلة من عدم الرضا عن أداء القطاعات الصحية بالمملكة متمثلة في الجزء الأكبر وهو وزارة الصحة، وكثر الحديث والنقاش عن مسببات عدم الرضا أو الفشل في بعض الجوانب، وقد ربط الأكثرية هذه المسببات بالأشخاص الذين أداروا هذه المنظومة سواء من رأس الهرم وزير الصحة وحتى مدراء المستشفيات والمراكز الصحية، ولم يكتفي البعض بذلك بل وصل إلى القاء اللوم على الموظفين في وزارة الصحة أيضا بأنهم سبب الفشل أو تدني مستوى الخدمة.

ومع ازدياد أعداد الخريجين من تخصصات الإدارة الصحية بمختلف الكليات والمسميات، هل سيكون لتواجدهم في أروقة وزارة الصحة وشغل الأعمال الإدارية دور فعال في تقليل نسبة عدم الرضا لدى المراجعين ؟!! والسؤال الأهم هو كيف نستطيع الاستفادة منهم بالشكل المناسب؟! وقد يكون أحد أهم النقاط التي ستساعد على تحقيق ذلك الاهتمام بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وذلك بأن لا يتم توزيع الأشخاص على الوظائف المختلفة بناء على الشهادة فقط، ولكن يجب إخضاع الموظفين الجدد إلى مقابلات شخصية وفترة تجربة وتقييم أنماط الشخصيات، كل ذلك للتمكن من وضع كل موظف في المكان المناسب له كي ينجح، فعلى سبيل المثال هناك البعض لا يمتلك مهارة التعامل مع الجمهور، فمن الخطأ وضعه في مكاتب الاستقبال أو علاقات المرضى مثلا، وهناك البعض لا يمتلك المهارات الحاسوبية فلا يفضل وضعه في عمل مكتبي مع الحاسب الآلي طوال الوقت، وهناك من لا يمتاز بالشخصية القيادية فلا يوضع بمنصب قيادي فقط لمجرد امتلاكه الخبرة والمعلومات الكثيرة، فقد تتشابه المؤهلات الدراسية ولكن تختلف السمات الشخصية، وهذا الاختلاف يشكل فارقا كبيرا في عمل الشخص وأدائه، فالمدير الناجح هو من يستطيع وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فأي شخص يوضع في مكان لا يتناسب وشخصيته سيكون أقل إنتاجية ولن يستمر طويلا في ذلك نتيجة لعدم تناسبه وما يعمل، وكل هذا قد يسبب عوائق لدى الشخص في إتمام العمل الذي أوكل إليه دون دراسة واضحة لشخصيته وقدراته.

فالقائد الناجح هو من يستطيع صنع النجاح لدى جميع موظفيه، فلا يوجد شخص فاشل بشكل قاطع ولكن الفشل نحن من يصنعه عند وضع الشخص في غير مكانه، أما الحقيقة فعلا أن الجميع ناجحون إذا تم وضعهم في المكان الصحيح، وإذا تم مراعاة اختلاف الشخصيات والقدرات لدى كل شخص، لذلك لابد بداية من اعتماد المقابلات الشخصية من قبل فريق متخصص قبل التعيين، ثم مراقبة الأداء أثناء فترة التجربة للموظف ودراسة المعوقات أمامه، ومن الجيد محاولة تجربة الموظف في بدايته بأكثر من عمل مختلف لمراقبة الأداء، ولمساعدته أيضا على معرفة ذاته أكثر بعد التجربة، وأيضا مراجعة تجارب وخبرات الشخص السابقة ستساعد في معرفة ميوله وشخصيته إلى حد ما، ثم بعد ذلك نتأكد من اختيار المكان الذي يناسب شخصيته وقدراته ونجعل منه مشروعا ناجحا لإنتاجية عالية، فالجميع ناجحون إذا تم وضعهم في المكان المناسب لهم.

 

 

 

أ. محمد السنان