حين طبقت سنتي الامتياز كنت اسمع كثيرا هذه الجملة” لا توجد وظائف، ويوجد نقص في الموظفين! ” الى اي مدى وصل التناقض ؟ اين يكمن الخلل؟

الكثير تعمق في دراسته ،  والبحث والاكتشاف عن كل جديد حسب مجاله العلمي , وجميل جدا الشعور بالإنجاز  والتكريم على كل مجهود  لاشك في ذلك!  

 

لكن هل الامور العلمية والأكاديمية كافية عما نواجه في واقعنا الحالي؟!  

سوف تسألني ما به الواقع الحالي متهكما من تعجبي واسفي عليه؟!!

 

الواقع الملامس للناحية العملية  بحد ذاته سيء من رأيي ورأي الكثير ولكن المتغيرات والاجراءات التي تحصل فيه اذا تحدثنا من الناحية المهنية والخلل بها ستجد مالا يسعه مقال واحد لتعداده ، اهمها ذلك الفراغ الواسع والتضارب الضخم بين الناحية العلمية والعملية ،الذي  اصبح من المسلمات في مجتمعنا العربي وخاصة في الشرق الاوسط! ، حيث ان معلم  كيمياء يعمل موظف اداري في مركز صحي!  والممرض يشغل منصب اداري في قسم هندسة ،والطبيب يشغل اكثر من منصب لأكثر من قسم في نفس المركز الطبي او حتى مستشفيات متعددة فقط لكونه طبيب ذو خبرة ؟ او معلم  لغة انجليزية يعمل بقسم ادارة المخاطر بالمستشفيات؟ او بمجرد سماعنا لشخص لديه خبرة في مجال التمريض او الطب او التغذية يمكنه ان يمسك المنصب الاداري فهو سهل جدا بنظر الاغلبية ! ،امام اعيننا يحدث هضم لحقوق من  اجتهدوا وحصلوا على شهادات بمعدلات ومؤهلات عالية  مثلهم مثل اصحاب التخصصات التي اُوجدت منذ البداية لخدمة مجالهم، الطب ليعالج ، والممرض ليكن اليد اليمنى للطبيب ،والصيدلي للأبحاث والعلاجات ، والاداري ليدير الاعمال في  المنشأة أيا كان نوعها,  لكل منهم تفرعّات لم توجد من العدم ولم تدرس تلك المناهج لسنين واجيال عبثا!  ،هي بلغة اخرى  “اعطي الخبز لخبازه”، مالم يكن هناك اشخاص ذو مؤهلات مطلوبة في المكان الملائم  ،فلن تجد حقيقة سوا موارد وجهود مهدورة، بلايين تصرف سنويا على الموارد البشرية وغيرها من موارد من قبل الدولة والشركات فقط اذا تحدثنا عن ‘المنشآت الصحية ‘وتجد الجزء المهدور منها قد  يتعدى نصف الميزانية المصروفة. 

تجد ان الشهادات الجامعية ودراساتك العليا هي صورة تعلّقها على الحائط كي تعمل  بمهنة  اخرى تتعلمها اثناء قيامك بها وتخبر نفسك ويخبروك ايضا بـ “لابأس اخطئ الان غدا ستتقن الحرفة وتكتسب خبرة تأتيك بالترقية”! , وبين وقت وقوع  الخطأ والتعلم منه تحدث  الاخطاء الطبية ، الوفيّات، السرقات، هدر الموارد والاموال عليها ، عطالة لأعداد مهولة على السلالم  الوظيفية ينتظرون فقط متى سيتم تمكينهم من العمل بمجالاتهم لا اكثر ! 

 

يا ترى من المسؤول عن حل المعضلات فالمنشآت الصحية وغير المنشآت الصحية ؟ 

متى سيتم وضع كل متخصص في مكانه المستحق علميا وعمليا وليس لأحدهما فقط؟ 

متى سيُعاد النظر فالشروط التعجيزية التي تجدها من المتطلبات الاساسية للقبول والتوظيف؟ 

متى سيحدث التعاون بين ذوي الخبرة وحديثي التخرج حتى تجد النتائج المرجوة في القطاعات العامة والخاصة ؟ , لخدمة مجالاتهم التي جميعها بلا استثناء مهمة في المجتمع واذا حصل نقص بأحدها اختل الاتزان،  نحن الان نمر بمرحلة بعيده كل البعد عن الاتزان , لكن أيضا مؤمنة بأن التغيير بدأ وسيحدث في القريب العاجل او البعيد المنتظر، ما يرجوه الجميع هو فقط ان يمارس كل انسان المهنة التي كرّس حياته في دراستها وعمل على تحقيقها  والتي يريد ان يصل لهدفه ويؤدي رسالته فلكل انسان شأن ولكل منا رسالة، أرى لتلك المعضلة وجوب ايجاد  الحلول الجذرية، في  معالجة الاساس الركيك الى اساس قوي من خلاله تستطيع مواجهة التغييرات الزمنية و مواكبة التغيرات المهنية المرغوبة وغير مرغوبة لدى جميع افراد المجتمع  بإذنه تعالى.

 

 

 

أ. إيمان ياسين صباغ