لنبدأ حديثنا عن العدل والمساواة بين الكوادر الفنية والإدارية في وزارة الصحة بسؤال، أيهما سيعود بالنفع بينهم ويؤدي إلى نتائج ايجابية العدل أم المساواة؟! كي نجيب على السؤال لابد من فهم ما تعنيه كل مفردة بشكل واضح، فالعدل هو إعطاء كل شخص حقوقه بناء على مراعاة للمعطيات التي تتوفر لديه من عدد سنوات خبرة ومن مؤهلات ومن قدرات عملية وكثير من المعايير، أما المساواة فهي اعطاء الجميع بالمثل بمعايير أقل بكثير من العدل كالاعتماد فقط على سنوات الخبرة والمؤهل، ولكي تتضح الصورة نضعهما في مثال حي من واقعنا في القطاع الصحي، عندما يتم تعيين موظفين بمؤهل بكالوريوس في أحد التخصصات الصحية وبنفس عدد سنوات الخبرة، سيتم صرف نفس الراتب للموظفين دون النظر للإنتاجية وجودة العمل والانضباطية، ولا حتى الأخذ بعين الاعتبار للدورات التدريبية التي حضرها أحدهما لتطوير عمله، ولكن لو ذهب ذات الموظفين للعمل في القطاع الخاص لاختلفت النظرة لهما وكانت كفة العدل من سترجح أكثر من المساواة لاعتبارات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها الان مع ظل التحديات التي تواجهها وزارة الصحة لاستقطاب الكفاءات واعطائها ما تستحق كي تزيد الانتاجية وتتحسن الجودة، هل يتم استغلال بنود الاستقطاب وغيرها من المكافآت المالية بالشكل الأمثل؟! سؤال مهم يقودنا للنظر في المعايير التي وضعتها الوزارة لهذه الاستقطابات ومدى تطبيقها على أرض الواقع، لأنه حتى وإن نظرنا لها من باب العدل والمساواة، فالمساواة ظلم بحق من يتم استقطابه لكفاءته العالية، وأما العدل لن يتحقق بدون الشفافية وايضاح المعايير ودراستها ووضع الأرقام بوضوح أمام الجميع إن كانت مستحقة فلا سبب لإخفائها، وإن تحدثنا عن الخصوصية فالرواتب والاستقطابات التي تصرف من المال العام من حق كل مواطن الاطلاع عليها، ولذلك دأبت حكومة المملكة على اعلان كآفة المشاريع والميزانيات بالأرقام بشفافية أمام المواطنين، وايضاح كل ما يتم صرفه في الجهات الحكومية بكل ثقة لأنه لا يوجد ما يستدعي الاخفاء!! عودةً لكوادرنا لصحية وكيف تستفيد من تطبيق مبدأ العدل والمساواة، فبداية تطبيق العدل الغاء سلالم الرواتب الموحدة ووضع معايير تحكم تحديد الرواتب، ويكون هناك حد أدنى وحد أعلى يحكم عدم هضم الحقوق وعدم المبالغة في الصرف، فالمساواة جعلت المهمل يستمر في اهماله، وقتلت الحماس في المجتهد لمساواته مع المهمل، والخطوة التي تليها هي اعلان الرواتب والمكافآت بشفافية تضمن خروج الرقابة من الإدارة إلى العامة، فيصبح كل إداري يضع رواتب غير مستحقة أمام رقابة العامة ومسؤول عن توضيح الأسباب وتطبيق المعايير في تحديد الرواتب، ثم يأتي بعد هذا كله استقطاب الكفاءات بالشكل الصحيح وحسب الميزانيات التي خصصت لذلك دون وجود ميزانية مفتوحة لذلك، فالميزانية المفتوحة يعطيها الكبير للصغير ليضمن عدم تعطل الانتاج وسرعة الانجاز، ولكن للأسف استخدمها البعض بالطريقة الخطأ فلا زاد الانتاج ولا تم تسريع الإنجاز ويؤسفني أن أقول أن أغلب أجهزتنا الحكومية وليس الصحية فقط تتعامل بمبدأ المساواة وليس العدل، ومن حاول منهم تطبيق مبدأ العدل فلم ينصف في المعايير التي وضعها، ومن منهم يدعي تطبيق العدل فعليه بالشفافية كي نرى المعايير والأرقام ليرى المواطن هذه العدالة ويقتنع بتحقيقها سواء في القطاع الصحي أو غيره من القطاعات، إن ما تحتاجه المملكة الان في سبيل تحقيق رؤيتها وتطلعاتها هو الشفافية من جميع القطاعات الحكومية أمام المجتمع لبناء الثقة، وإشراك المجتمع فعلياً عن طريق إشراك موظفي كل جهة حكومية في الخطط والسياسات والاجراءات التي تنتهجها جهتهم التي يعملون بها، وذلك للمساعدة في الرقي عن طريق خبراتهم وتعميق الولاء والانتماء لديهم تجاه الجهة، نحن بحاجة الان كي نطور طرق إدارة الموارد البشرية لدينا فهي أغلى ما نملك عن طريق تطبيق العدل لا المساواة المغلوطة.

 

 

 

 

أ. محمد حسين السنان