مما لا شك فيه ان التعليم يلعب دوراً محورياً في تطوير المجتمع وتغييره . ومن هنا فإن رفع مستوى جودة الخدمات الصحية وتحويل المرافق الصحية بل ونظام الرعاية الصحية الى نظام يحاكي متطلبات العصر ويواكب التغييرات التقنية الموجودة  حالياً وكذلك تلك التي تتسارع في الدخول في حياتنا العامة ، لا يمكن تحقيق هذا إلا بالمرور إجباريا من باب التعليم بكل مراحله.

وفي هذا الاطار كان ولا يزال التعليم الطبي بكل تخصصاته وفروعه البيئة الصحيحة للجودة في الحقل الصحي والخدمات الطبية المقدمة للمجتمع. وحيث يمر النظام التعليمي بمرحلة الحوسبة والتحول الى التعلم الالكتروني فقد واجه النظام الصحي والجامعات التي تؤهل الكفاءات الصحية التحدي المتمثل بالتحول و الاستفادة من التكيف مع التعلم الالكتروني.

وهذا التغير في التعليم الطبي  للاستفادة من التعلم الالكتروني ومناهجه وأدواته لا يهدف إلا الى تحسين مستوى مخرجات التعليم الطبي ورفع مستوى الخدمات الصحية. ومن الاشياء التي طرأ عليها التغير هو مفهوم التعليم الطبي نفسه والذي كان مبدئياً يشمل التلقين المباشر جنباً الى جنب مع التعلم السريري حيث توسع استخدام الطرق المبنية على حل المشكلات Problem based learning  لرفد المتعلم بالمهارات السريرية ممزوجة بطرق اتخاذ القرار وحل المشكلات .

وقد اختلف في تحديد المقصود بالتعليم الالكتروني بين عدة مفاهيم وتعاريف لكنها تشترك في استخدام تقنيات الاتصال والشبكات والأجهزة الالكترونية لإجراء أنشطة تعلمية متزامنة أو غير متزامنة من قبل الفرد أو مجموعة من الأفراد. وهنا لابد من الإشارة الى أن التعلم الالكتروني ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة تيسير العملية التعلمية والرقي المعرفي والمهاري.

ومن نافلة القول التأكيد على ما يوفره التعلم الالكتروني من مرونة في الوصول الى مصادر المعرفة والمعلومات حيث وجدت وفي الوقت المناسب والمتاح للباحث عن المعلومة. ويضاف الى ذلك وجود الكثير من المصادر التفاعلية للتشخيص الطبي وانظمة المحاكاة السريرية المختلفة إضافة للأنظمة الافتراضية وتشارك المعرفة مع الاخرين والتعاون في الوصول الى كل جديد ومستجد في المجالات الصحية المختلفة.

ويوفر التعلم الالكتروني اختيارات أكثر للمتعلم من ناحية الزمان والمكان والحالة الفردية للمتعلم. حيث يمكن تكييف التعلم ومداه وتوزيعه بناءً على القدرات الفردية للأشخاص والمجموعات المتعلمة كماً وكيفاً. وتعتبر مجموعات النقاش والمحادثة من الأدوات الناجعة في تحصيل المعرفة الطبية وتحقيق النمو التعليمي المستمر ليس فقط أثناء الدراسة الجامعية للحصول على الرتبة والدرجة العلمية بل كمنهج مستمر للرقي الذاتي والتخصصي الاحترافي.

ولكن على الجانب الآخر يعترض بعض المدرسين والتربويين على إزالة أو  التقليل من اللقاءات المباشرة وجهاً لوجه  كوسيلة تفاعلية تبادلية بين أطراف المتعلمين والمعلم بينما يرد عليهم البعض بوجود بدائل من خلال المؤتمرات واللقاءات المباشرة من خلال الفيديو والبث المباشر للمحاضرات وكذلك التفاعلات بالصوت والصورة الحية المتزامنة وغير المتزامنة سواءً مع المعلم \ المدرب أو بين المتعلمين أنفسهم. وهنا يمكن الدخول في نقاشات جدوى هذه الوسائل جنباً الى جنب الوسائل التقليدية الأخرى أو بديلاً عنها. لكن ما عليه توافق من بين الاطراف التربوية والطبية وأهل التقنية هو ضرورة التغير والتغيير ومواكبة العصر بل مجاراة التحدي المفروض على المجتمع أي مجتمع ينشد رفع مستوى وجودة الخدمات الصحية ونظام الرعاية الصحية وأن كل ذلك لا بد أن يمر من خلال التعلم والتعليم. وفي نهاية المطاف يبقى الحوار مفتوحاً لتعدد البدائل وانتفاء حل وحيد لجميع المشاكل المتعلقة باستخدام التقنية في التعليم الطبي وصولا الى التعلم الطبي الالكتروني.

وللحديث بقية

 

 

 

[author image=”http://m-quality.net/wp-content/uploads/2015/08/Dr-Jabali-70×70.jpg” ] د.عبدالكريم الجبالي استاذ مشارك قسم ادارة وتقنية المعلومات الصحية-جامعة الدمام

من مقالات الكاتب :

الصحة إلكترونياً

سلامة المريض .. إلكترونياً

التعليم الطبي الإلكتروني (1)

التعليم الطبي الإلكتروني (2)

للمزيد عن د.عبدالكريم الجبالي انقر هنا  [/author]