تكلمنا في الجزء الأول من المقال عن أهمية التعليم الالكتروني لرفع مستوى وجودة الخدمات الصحية وكذلك توضيح جوانب مصطلح التعليم الطبي الالكتروني. وهنا نعرض جوانب اضافية للموضوع

ومن الجوانب المشجعة لدمج التقنية بالتعليم الطبي ما يتعلق بطلاب الجيل الجديد الذي نشأ في أجواء انتشار الأدوات والاجهزة التقنية في حياته الاجتماعية والشخصية مما يحفزه على السعي لتسخيرها في تحصيله العلمي وتطوير مهاراته التخصصية. وهذا يوفر الانسجام للمتعلم ويدفع المدرس أو المدرب للسير في مواكبة طلابه والاستمرار في التعلم ذاتيا.

ومن جانب آخر يساعد التعليم الطبي الالكتروني على مزيد من استغلال الوقت  وبالطريقة التي تناسب  الشخص وظروفه الحياتية بحيث يمكن وبشكل متكرر مراجعة الفيديوهات والمناقشات وغيرها فيما يتاح له من وقت دون التقيد بوقت مخصص من المدرس  كما يعطي الطالب إمكانية مشاهدة صور  المفاهيم الطبية المعقدة والعمليات الحيوية المركبة بواسطة الصور المتحركة Animation وكذلك الصور ثلاثية الابعاد  والمحاكاة التشابهية Simulation  وغيرها من أساليب تقنية. ويضاف الى ذلك تحليل البيانات والمعلومات الصحية  وإبراز العلاقات بين متغيرات المعادلات الرياضية المعقدة وتأثيراتها على العوامل الصحية للمريض .وكل هذا يعطي إدراكا أعمق للمواضيع والمشكلات الصحية وتفاعلاتها المتداخلة كأجهزة وظيفية وعمليات حيوية.

كما أن استخدام التقنية يقلل من تكلفة  تقديم الخدمات الصحية ويرفع مستواها حيث يمكن الحصول على خدمات طبية واستشارات تخصصية متقدمة عبر مختلف وسائل التواصل الالكتروني ( كاستخدام الاتصال الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية مثلا وغير ذلك) بين الاستشاريين والأخصائيين وبين الأطباء المتدربين والمقيمين وطلابهم دون الحاجة للقاء مباشر وتنقل . ويساعد ذلك على التخفيف من مشكلة نقص الكوادر الطبية عالية التأهيل.

ولعل الاستفادة الكبرى هي التي يحققها المتعلمون في التخصصات الصحية من خلال تنوع مصادر المعرفة وتوفرها وغزارة الوسائل التوضيحية  والمساعدات التعليمية اضافة الى الممارسة المبكرة  الموجهة للمهارات والمعارف المكتسبة.

ومما يكتسبه الطالب \ المتدرب  من خلال التعلم الالكتروني  يتمثل في صقل قدرات ومهارات التواصل والاتصال الحقيقي في بيئة العمل الطبي التخصصي ويتضح هذا في مهارات العمل ضمن الفريق TEAM WORKING  وإدارة النقاشات المتخصصة والوصول الى نتائج وخلاصات أبحاث وتجارب زملاء المهنة. من جانب آخر يتمكن المتعلم من ذوي الحاجات الخاصة أو الظروف المعيقة من التفاعل ومواصلة التعلم والاستزادة  والاستمرار في المسار الاكاديمي والمهني.

ومن ناحية ثانية فإن التعلم الالكتروني في التخصصات الصحية يرفع مستوى المدرب \ عضو هيئة التدريس ويتيح له التطور المستمر وصقل المهارات والاطلاع على الجديد في الأبحاث والدراسات مع عدم اغفال اكتسابه لمهارات التواصل وكذلك ارتفاع مستوى الرضا الوظيفي لديه مع زيادة التناغم  والتواصل والثقة بينه وبين الطلاب والمتدربين  الذين هم جيل التقنية الحديثة وروّادها.

ويشار هنا الى أن الاستثمار الأكبر في تأهيل الكوادر الصحية  وكذلك الاستخدام الأفضل للموارد البشرية والمادية . حيث تعاني المؤسسات الصحية كما الشركات الأخرى من مشكلة إدارة الوقت  لكن  قيمة الوقت لدى المستشفيات  والعاملين في القطاع الصحي أخطر لارتباطها بحياة الانسان أو موته مما يدفع لزيادة الاهتمام باستخدام أفضل لوقت الطبيب والمريض وجميع العاملين في الخدمات الصحية بإدماج التقنية والتعليم الالكتروني في دورة عمل وحياة الممارسة الصحية.

ومن الإنصاف العلمي عدم إهمال العقبات والإشكالات التي تمر بها عملية إدماج التقنية في التعليم الصحي حيث تغدو العملية بذاتها بطيئة ومكلفة وخاصة في بداياتها حيث يتطلب ذلك من المؤسسة الصحية والمدرس الانتقال والتحول من نظام تعليمي وتدريبي الى آخر وتحويل المقررات العادية الى مقررات الكترونية مع ما يصاحب ذلك من  الحاجة للتدريب والتأهيل وتغيير أساليب التدريس والتعاطي مع التقنية وإشكالاتها الأخرى ولكن الأمر يوزن ويقارن بما يجلبه من فوائد وايجابيات ذكر أغلبها في هذا المقال والتي في المحصلة تجعل الاختيار بالتحول للتعلم الالكتروني في المؤسسات الصحية ممراً إجبارياً نحو رفع مستوى الجودة في تقديم الخدمات الصحية.

[author image=”http://m-quality.net/wp-content/uploads/2015/08/Dr-Jabali-70×70.jpg” ] د.عبدالكريم الجبالي استاذ مشارك قسم ادارة وتقنية المعلومات الصحية-جامعة الدمام

من مقالات الكاتب :

الصحة إلكترونياً

سلامة المريض .. إلكترونياً

التعليم الطبي الإلكتروني (1)

التعليم الطبي الإلكتروني (2)

للمزيد عن د.عبدالكريم الجبالي انقر هنا  [/author]