نبدئ من حيث انتهينا اذ  تطرقنا في  الجزء الاول من الموضوع  الى اهمية وتعريف مفهوم البيانات الضخمة  BIG DATA

 والنقاط الواجب التركيز عليها  اثناء  جمع و معالجة وتوظيف البيانات  الضخمة من خصوصية البيانات وامنها. 

وحيث تتنوع خصائص البيانات الضخمة الا انها تشترك في حجمها الكبير وسرعة تغيرها وتنوعها المتزايد مما يجعل التعامل معها ومعالجتها بالطرق التقليدية بلا جدوى وهذا يدفع باتجاه تطوير طرق وتقنيات و آليات واجهزة وبرمجيات تواكب التطور الحاصل في تخصص معالجة وتوظيف البيانات الضخمة. ومن الجدير بالذكر هنا ان البيانات  الطبية تشكل حسب بعض الدراسات اكثر من 30% من البيانات المتداولة على كوكب الارض مع توقع تزايد هذه النسبة.

ومن التحديات التعامل مع البيانات القديمة أي التي تم  جمعها وتخزينها سابقا ولم يتم الاستفادة منها كما يجب اضافة لتحديات تطابق او توافق تلك البيانات القديمة مع ما هو جديد من تجهيزات وبرمجيات ودعم فني.

ومن التحديات الاخرى هو تأهيل الكوادر المتخصصة للتعامل مع الحجم الضخم للبيانات والانواع المختلفة لهذه البيانات جنبا الى جنب مع كيفية تناقلها وتبادلها والاستفادة المثلى مما توفره من فرص ترشيد القرار الاداري والسريري والمالي للمؤسسة الصحية. وتشير  ان عدد الوظائف المطلوبة في 2015 في مجال البيانات الضخمة سيبلغ 4.4 مليون وظيفة حول العالم لا يمكن GARTNER تقديرات تغطية الا ثلثها مما يشير الى مناطق الاستثمار البشري في الكفاءات المؤهلة.

ومن ناحية تقنية مجردة لا مجال للمؤسسة الصحية الا ان تضع بعين الاعتبار لبعض الجوانب مثل التخزين الفعال للبيانات واستخدام الطرق والاساليب المرتبطة بتقنيات التخزين والمعالجة السحابية وخاصة حين تقوم المؤسسة بتطوير بنيتها التكنولوجية أو تؤسسها – ولا مجال لإهمال أي من مهمات التعامل مع هذه البيانات ابتداء من قابليتها  للبحث  و التطوير المستمر  وتوفر خدمات تحليلية منوعة والحوكمة اضافة للتخزين الامن ووجود الانظمة والتجهيزات ذات المواصفات العالية والقادرة على توفير والتعامل مع بيانات في الزمن الحقيقي.   REAL-TIME DATA   بما يشمل كافة انواعها من بيانات الاجراءات والبيانات المتأتية من اجهزة القياس او الآلات او التطبيقات المختلفة او بيانات التواصل الاجتماعي وكذلك الصور الفضائية والجغرافية وغيره

من جانب اخر ومرتبط بالموضوع ( البيانات المفتوحة) والتي يقصد بها السياسات والاجراءات التي تجعل البيانات العامة متاحة ومتوفرة للجمهور مع القابلية لتوزيعها او اعادة استخدامها وتشكل البيانات المفتوحة جزءاً اساسيا وعنصرا ضروريا في السياسات  الحكومية  الساعية نحو الوصول الى الشفافية والحوكمة

وهنا يجب التأكيد على الاخذ بعين الاعتبار للشفافية والبيانات المفتوحة مع ضمان خصوصية وامن البيانات الصحية وخاصة ما يتعلق بخصوصية المريض نفسه ولا شك بإمكانية الوصول الى حلول وسطى توافقية تلبي احتياجات الخصوصية والبيانات المفتوحة من خلال تقنيات الترميز للبيانات ذات الخصوصية. وهناك بعض الصفات التي ينبغي توفرها في البيانات  حتى يتم اعتبارها “بيانات مفتوحة “

 

  • مقروءة READABLE
  • ذات صيغة عامةNon-proprietary format
  • رخصتها متاحة free license
  • قابلة لإعادة الاستعمال reusable
  • مكتملة COMPLETE
  • أساسية PRIMARY
  • متاحة ACCESSIBLE
  • مرتبطة زمنيا  Timely
  • قابلة للبحث فيها SEARCHABLE

 

والمقصود بان تكون البيانات مكتملة أي تحتوى على كل أجزاء وعناصر الضرورية لاكتمالها بما في ذلك Metadata أي بيانات ذاتية عن البيانات نفسها مثل حجمها وصيغتها وغيره من صفات البيانات التي تمكن المستخدمين من نقلها وتوزيعها ونشرها على الشبكة. كما يتطلب ان تكون البيانات أساسية أي تكون رقمية مهيكلة structured  مما يعني  امكانية تقسيمها وضمها الى غيرها من البيانات واما ارتباطها الزمني فيشير الى ان تكون متاحة بشكل سريع وحال توليدها او انتاجها مما يعظم الفائدة من تلك البيانات. ومما يجب توفره في البيانات المفتوحة كونها متاحة للعامة من الناس ويمكن البحث فيها من خلال محركات البحث المعروفة وتقنياته اضافة الى سهولة قراءة وادخال تلك البيانات آليا باستخدام اجهزة اليكترونية. وفيما يتعلق بصيغة البيانات format  يجب ان لا تكون خاصة او غير معروفة بل عامة ويسهل التحويل منها الى الصيغ الاخرى. وأما قضية الترخيص بالاستخدام فيجب ان تكون متاحة للجميع بدون الحاجة للحصول على إذن او ترخيص خاص لاستخدامها او دفع اشتراك او تسجيل اشتراك جنبا الى جنب مع توفر امكانية اعادة استخدام البيانات بدون تقييد.

ومما ينبغي التأكيد عليه هنا هو ادراك الايجابيات والمنافع العلمية والاقتصادية المترتبة على التعامل مع البيانات وتوفيرها بالشكل المفتوح مما يدفع البحث العلمي والتطوير والدراسات المؤصلة والموثقة والمدعمة بحقائق وبراهين ومعطيات حقيقية  وقد لا نستغرب الوصول الى مرحلة شخصنة العلاج وفرديته بحيث يصبح كل مريض حالة مميزة وخاصة في التشخيص والعلاج.

في المقابل هل سيبقى نموذج العمل الاداري والوظيفي للمؤسسة الصحية بعيدا عن التأثر بالتكاثر والازدياد المضطرد فيما تحت يديه من البيانات وما ينتج عنها من معرفة بنجاعة ادارة العمل الصحي بناء على المعطيات الرقمية ؟  وهل سيؤدي ذلك الى تحقيق رعاية صحية أفضل؟ وللحديث بقية..

 

 

د.عبدالكريم الجبالي استاذ مشارك قسم ادارة وتقنية المعلومات الصحية-جامعة الدمام

من مقالات الكاتب :

الصحة إلكترونياً

سلامة المريض .. إلكترونياً

التعليم الطبي الإلكتروني (1)

التعليم الطبي الإلكتروني (2)

جبال من البيانات (1)

للمزيد عن د.عبدالكريم الجبالي انقر هنا